للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشركهم وإنكارهم فضل الله عليهم وإحسانه إليهم، وعقب ذلك بوعد منه تعالى للمؤمنين العاملين الصالحات فأبان أن لهم جزاء إيمانهم وصالح عملهم مغفرة وأجراً كبيراً.

ثم جاءت الآية موضع البحث (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) الآية، والاستفهام في هذا إنكاري ينطوي على تنديد وتقريع لأولئك المشركين الذين اتبعوا ما زين لهم الشيطان من سوء عملهم فرأوه عملاً حسناً وهم لا يعقلون أن مرد الهدى والضلال إلى الله تعالى (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ) بعدله لسوء استعداد المكلف وخبث فطرته (وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) بفضله ورحمته وتوفيقه لما جبله عليه الخير والاستعداد لتقبل الحق والإيمان به.

ولما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد الحرص على إيمان قومه من أولئك المشركين إرادة استنقاذهم من عذاب الله تعالي، وخلودهم في دار الجحيم بالغ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الجهد، وبذل ما هو فوق طاقته ليهديهم، فأراد الله تعالى من نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - أن يقصر من هذا الجهد، ويكف عن بعضه إبقاء على نفسه وقوته حتى يستطيع أداء رسالته وتبليغها في حدود مهمته التي أخبر الله عنها بقوله تعالى (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) وقوله (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) فقال له ناهياً مشفقاً رحيماً به (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).

<<  <   >  >>