للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: قوله (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨)). وهذا بيان لما جبل عليه هؤلاء المنافقون من إحداث الفتن، وإشاعة المخاوف بين المجتمع الإسلامى، فذكر الله تعالى أن هذا ديدنهم وعادتهم من قبل، ففد أحدثوا قبل ذلك عظائم الفتن في المجتمع الإسلامى، كالذي كان منهم في غزوة بني المصطلق وأمثالها، ولكن الله تعالى أوبقهم في موبقاتهم، وأوقعهم فيما دبروه لإفساد مجتمع المؤمنين.

وهذا هو المراد بقوله (حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ) أي نصر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من خلص المؤمنين، وكان المنافقون أكره الناس لهذا النصر، وأبغضهم لا يرون بين المؤمنين من توافق وألفة ومحبة وإخاء.

الوجه الرابع: قوله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٤٩)).وهذا تسجيل عليهم بأنهم مردوا على الكذب، ومرنوا على الفتن، ولما أخبروا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - متوجه إلى تبوك لغزو الروم وفي الروم جمال لنسائهم، وثروات في بلادهم لعلها تطمعهم فِي الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هي عادتهم في حب الدنيا - تعللوا في ترك الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ليس لهم فيه عذر. فقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر ابن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لجد بن قيس: " يا جد هل لك في جلاد بني الأصفر؟ " قال جد: أتأذن لي يا رسول الله فإني رجل أحب النساء وإني أخشى إن أنا رأيت نساء بني الأصفر أن أفتتن. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهو معرض عنه -

<<  <   >  >>