للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظاهر حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إخلاصه التام في الدعوة إلى عبادة الله وحده، وحبه للمؤمنين، وتفرغه الكامل للجلوس معهم، وانقطاعه لتعليمهم، وتفقيههم في الدين مما هو معلوم عنه بالاستفاضة يرد كل ما زُعم في هذا الشأن.

وسياق قول سعد الذي رواه الحاكم -كما مر آنفاً- هو اللائق بحال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع المؤمنين، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يلقي بالاً لما كان يتعنت به المشركون من أقوال وأعمال ومطالب يأملون بها إبعاد المؤمنين بها عنه.

ويؤيد قولي هذا، ويعززه ما أخرجه أبو داود في سننه بإسناده عن علي أبي أبي طالب - رضي الله عنه - أقرب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالاً، وأتمهم به معرفة وأخبرهم به تصرفاً في دعوته، وجميع شؤون حياته حيث قال علي - رضي الله عنه -: " خرج عِبْدَانٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -يعني يوم الحديبية- قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمد، والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك، وإنما خرجوا هرباً من الرق، فقال ناسٌ: صدقوا يا رسول الله ردَّهم إليهم، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا " وأبى أن يردهم، وقال:

" هم عتقاء الله - عز وجل ".

ورواه -أيضاً- الترمذي في جامعه بإسناده من طريق رِبْعي بن حِراشٍ -أيضاً- بتفصيل أتم وأوضح عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال:

<<  <   >  >>