للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالوَادي الذي أنا به أَحدٌ له مثلُ كثرةِ إِبلي. قالَ: «فكيفَ تَصنعُ في المِنحةِ؟» قلتُ: تَغدو الإبلُ ويَغدو الناسُ، فمَن شاءَ أَخذَ برأسِ بعيرٍ فذهَبَ به، قالَ: «يا قيسُ، أَمالُكَ أحبُّ إليكَ أم مالُ مَولاكَ؟»، قلتُ: لا، بلْ مَالي، قالَ: «فإنَّما لكَ مِن مالِكَ ما أَكلتَ فأَفنيتَ، أو لَبستَ فأَبليتَ، أو أَعطيتَ فأَمضيتَ، وما بَقيَ فلِوارثِكَ»، قلتُ: واللهِ يا نبيَّ اللهِ لإنْ بَقيتُ لأدَعنَّ عَددَها قَليلاً.

قالَ الحسنُ: ففعَلَ رحمَه اللهُ، فلمَّا حضَرتْه الوَفاةُ دَعى بَنيهِ فقالَ: يا بَنيَّ خُذوا عنِّي، لا أَحدَ أَنصحُ لَكم مِني، إذا أَنا مِتُّ فسَوِّدوا أَكبرَكم ولا تُسوِّدوا أَصغَرَكم فيَستَسفِهَ الناسُ كِبارَكم، وعَليكم بإصلاحِ المالِ فإنَّه مَنبهةٌ للكريمِ، ويُستَغنى به عن اللئيمِ، وإياكم والمسألةَ، فإنَّها آخِرُ كَسبِ المرءِ، ولم يسألْ أَحدٌ إلا وترَكَ كسبَهُ، وكفِّنوني في ثِيابي التي كنتُ أُصلِّي فيها وأَصومُ، وإياكم والنِّياحَةَ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنهى عَنها، وادفِنوني في مكانٍ لا يَعلمُ بي أحدٌ، فإنَّه قَد كانَت تَكونُ بينَنا وبينَ بكرِ بنِ وائلٍ خُماشاتٌ في الجاهليةِ، فأخافُ أَن يَدخلوا بِها (١) عَليكم في الإسلامِ فيُفسِدوا / عَليكم دِينَكم.

فقالَ الحسنُ: فنصَحَهم رحمَه اللهُ في الحياةِ والمَماتِ (٢).

٢٨٢ - (١٣) حدثنا الحارثُ: حدثنا بشرُ بنُ عمرَ الزَّهرانيُّ: حدثنا أبو معاويةَ الضريرُ، عن الشَّيبانيِّ، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ قالَ:


(١) هكذا في الأصل، وفي «البغية» وغيره: يدخلوها عليكم.
(٢) هو في «بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث» (٤٧١).
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٩٥٦)، والطبراني ١٨/ (٨٧٠)، والحاكم (٣/ ٦١٢)، والمزي (٢٤/ ٥٩ - ٦٢) من طريق الحسن البصري به.
وقال المزي: هذا حديث حسن.
وعند أحمد (٥/ ٦١) طرفه الأخير من وجه آخر عن قيس بن عاصم بنحوه.

<<  <   >  >>