تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

محدودة؛ هي المعجزة؛ بل جزء منها هو المعجز؛ وغيرها غير معجز، وخطل مثل هذا القول واضح.

§ الوجه السادس: هو ما فيه من علم الغيب؛ والإخبار بما يكون؛ فينكشف صدقه وصحته، مثل قوله تعالى عن اليهود في دعواهم أنَّ الدار الآخرة لهم: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وقال عنهم مباشرة كاشفا موقفهم: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (البقرة:94، 95) فلم ولن يتمنى الموت واحد من اليهود، ومثل قوله تعالى عن تحدي القرآن لهم {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة:33، 24) فلا زال التحدي بحرف النفي نفي الماضي ونفي المستقبل الدال على التأبيد، فالصدق والصحة في الغيب والإخبار عما يكون موجودان في القرآن.

وهذا الكلام أيضا عار عن الدليل، فالقرآن وثق أنَّ سفر التكوين من التوراة تكلم عن موضوع الغيب: من خلق، وتكليف، وعصيان بالأكل من الشجرة؛ بوسوسة من إبليس، وهبوط الكل من الجنة، وفي الكتب الأخرى من كتب أهل الكتاب؛ يرد موضوع قيام الملكوت؛ بأسلوب الإعلانات السرية: ككتاب إشعيا وحزقيال ورؤيا يوحنا اللاهوتي وغيرها، وإذا قيل: بأنَّ الغيب هو الإعجاز؛ فليعلن أصحاب هذا القول: أنَّ جميع الكتب السماوية بصورتها الحالية هي معجزة أيضا، وليعلنوا أيضا أنَّ الحديث كما هو في مدونة أهل السنة والجماعة هو أيضا معجز؛ لوجود أخبار عن الغيب فيه، وهكذا يسقط هذا الوجه أيضا.

§ الوجه السابع: جمعه لمعارف وعلوم لم تكن في العرب. قبل الدخول لقبول أو رفض هذا الوجه، لا بد من تبين هذا القول للحكم عليه، فالمطلوب تحديد هذه المعارف والعلوم الموصوفة بأنها لم تكن في العرب، غالبا المراد علم الأجنة وعلم الفلك، لكن القدر الموجود منهما ومن غيرهما في القرآن، لا يشكل تفسيرا علميا متكاملا من جهة، ولم يكن غرض القرآن من ذكره إثبات الإعجاز، بل وردت كمشاهد حية للتدليل على الله؛ بمعرفة صفتين ذاتيتين له تعالى، هما: كونه قادرا لا يعجز، وكونه عالما لا يجهل، والمسار العلمي الذي يتكشف الآن، ويجد العلماء دقة القرآن في التعبير عن جزء بيسير من ظواهر العلم، هو واحدة من خصائص القرآن الكريم النامية؛ كلما نمت معرفة الإنسان، وهي لا تغني ولبست بديلا عن الأساس في الإعجاز، وهذا القول بهذه الصورة مهد للقول بالإعجاز العلمي وهو قول أخذ يشيع كثيرا بين المسلمين.

تقوم هذه الأوجه السابقة وتتأسس على ما يلي:

1. الأوجه الثلاثة الأولى على نظام المباني أي على الشكل.

2. الوجه الرابع على الأثر النفسي على السامع مرتبط بإثارة مشاعر التالي أو السامع.

3. الأوجه الثلاثة الأخيرة على منظومة المعاني أي على المضمون.

من المعلوم عدم وجود كلام يخلو من المباني، أو المعاني، أو الإثارة للمشاعر، فالشعر البدوي النبطي أو غيره؛ يحوي المباني، والمعاني، والإثارة لأهل البداوة؛ لكون البدوي أدرك الصورة الشعرية، أما صورة المباني ـ أو ما يُكَوِّنُ المحتوى ـ فليس هي الجاعلة لهذا النص البدوي صفة الإعجاز، فالنص البدوي قد يكون على درجة من الإبداع، ولكنه ليس معجزا يقينا.

صفة الإعجاز هي صفة زائدة: عن المبنى، والمعنى، والإثارة، وصفة البلاغة والفصاحة، وجمال التعبير، وهي على درجات متفاوتة في النصوص؛ فيقوم عليها الحكم بالتمييز بين نص وآخر، وليس إثبات الإعجاز، كما ذكر سابقا.

§ الوجه الثامن: الصِّرْفة عند المعتزلة وهي على ضربين

1. الضرب الأول: أنهم صرفوا من قبل الله تعالى عن القدرة عليه، ولو تعرضوا لعجزوا عنه، وأساس هذا القول هو ما يؤمن به المعتزلة من كون الإنسان قادر بقدرة تمكينية وهبها الله للإنسان وليس بقدرة ذاتية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير