للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الخامس عشر:

[١٩ / و] معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد (١).

هذه أمورٌ يتداولونها في نظرهم في حال الحديث؛ هل تفرد به راويه أو لا؟ وهل هو معروف أو لا؟ ذكر " أبو حاتم محمد بن حبَّانَ التميمي الحافظ " - رحمه الله تعالى (٢)، أن طريق الاعتبار في الأخبار مثالُه: أن يرويَ: " حمادُ بن سلمة " حديثًا لم يتابَع عليه، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فينظَر: هل روى ذلك ثقةٌ غير أيوب عن ابن سيرين؟ فإن وُجِد؛ عُلِمَ أن للخبر أصلا يرجع إليه، وإن لم يوجد ذلك؛ فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة، وإلا فصحابي غير أبي هريرة رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأي ذلك وَجِدَ؛ يعلم به أن للحديث أصلا يرجع إليه، وإلا فلا.

قال الشيخ - أبقاه الله -: فمثال المتابعة: أن يَروِيَ ذلك الحديثَ بعينِه عن أيوب غيرُ حماد (٣)، فهذه المتابعة التامة. فإن لم يروه أحد غيره عن أيوب، ولكن رواه بعضهم عن ابن سيرين، أو عن أبي هريرة، أو رواه غير أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذلك قد يُطلقُ عليه اسمُ المتابعة أيضًا، ولكن تقصر عن المتابعة الأولى بحسب بُعْدِها منها، ويجوز أن يُسَمى ذلك بالشاهد أيضًا (٤)، فإن لم يُرْوَ ذلك الحديثُ أصلا من وجه من الوجوه


(١) قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر، شرح نخبة الفكر: هذه العبارة توهم أن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد، وليس كذلك؛ بل الاعتبار الهيئة الحاصلة في الكشف عن المتابعة والشاهد، وعلى هذا كان حق العبارة أن يقول: معرفة الاعتبار للمتابعة والشاهد. وما أحسن قول شيخنا في منظومته:
الاعتبار سبرك الحديثَ هل .................................................... تابع راوٍ غيره فيما حملْ

- يعني شيخه العراقي في ألفية الحديث، وانظر (توضيح التنقيح ٢/ ١١).
(٢) [تعالى] من نسخة (ز).
(٣) هو حماد بن سلمة، بن دينار الربعي أبو سلمة البصري. وأيوب: السختياني. وابن سيرين: محمد.
(٤) على هامش (غ، ز): [سمى " الحاكم " في (المدخل إلى الصحيح) المتابعاتِ شواهدَ].

<<  <   >  >>