للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنسخ. فقال: فَهمِي خلافُ فهمِك. ثم قال: تحفظ كم أملى الشيخُ من حديثٍ إلى الآن؟ فقال: لا، فقال الدارقطنيّ: أملى ثمانيةَ عشرَ حديثًا، فعُدَّت الأحاديثُ فوُجِدتْ كما قال. ثم قال أبو الحسن: الحديثُ الأول منها عن فلانٍ عن فلان، ومَتْنُه كذا، والحديثُ الثاني عن فلان عن فلان، ومَتْنُه كذا .. ولم يزل يذكر أسانيدَ الأحاديث ومتونَها على ترتيبها في الإِملاءِ حتى أتى على آخرِها، فتعجب الناسُ منه " (١). والله أعلم.

السادس: ما ذكرناه في النسْخ ِ من التفصيل، يجري مثلُه فيما إذا كان الشيخُ أو السامعُ يتحدث، أو كان القارئ خفيفَ القراءة يُفْرِطُ في الإِسراع، أو كان يُهَيْنِمُ (٢) بحيث يخفى بعضُ الكلام، أو كان السامعُ بعيدًا عن القارئ، وما أشبه ذلك.

ثم، الظاهرُ أنه يُعفَى في كلِّ ذلك عن القدرِ اليسيرِ، نحو الكلمةِ والكلمتين.

ويُستَحبُّ للشيخ أن يجيزَ لجميع السامعين روايةَ جميع الجزء أو الكتاب الذي سمعوه وإن جرى على كلِّه اسمُ السماع، وإذا بذَل لأحدٍ منهم خطَّه بذلك كتب: أنه " سمع مني هذا الكتابَ، وأجَزْتُ له روايتَه عني " أو نحو هذا، كما كان بعضُ [٤٠ / و] الشيوخ يفعل. وفيما نرويه عن الفقيهِ " أبي محمد بن أبي عبدالله بن عتاب، الفقيهِ الأندلسي " عن أبيه - رحمهما الله - أنه قال: " لا غِنى في السماع عن الإجازة؛ لأنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ، أو يغلط الشيخُ إن كان القارئَ ويغفل السامعُ، فينجبرُ له ما فاته بالإجازة " (٣).

وقد روينا عن " صالح بنِ أحمدَ بن حنبل " - رضي الله عنه -، قال: " قلت لأبي: الشيخُ يدغم الحرفَ يُعرَفُ أنه كذا وكذا، ولا يُفهَمُ عنه، ترى أن يُروَى ذلك عنه؟ قال: أرجو ألا يضيقَ هذا " (٤).


(١) بنصه في رواية الخطيب عن شيخه الأزهري (تاريخ بغداد، ترجمة الدارقطني).
(٢) الضبط من (غ) وعلى هامشه: [أفرط في الأمر أي جاوز في الحد، وفرَّط: قصر. (الصحاح). والهينمة: إخفاء الصوت].
وانظر (ما جاء فيمن سمع حديثًا فخفي عليه في وقت السماع حرف منه لإدغام المحدث إياه) في الكفاية: ٦٨ - ٦٩.
(٣) بنصه في (الإلماع: ٩٢) سماع القاضي من شيخه أبي محمد عبدالرحمن بن أبي عبدالله محمد بن عتاب القرطبي، عن أبيه.
(٤) أسنده الخطيب في (الكفاية: ٦٨ - ٦٩) عن صالح بن أحمد بن حنبل.

<<  <   >  >>