للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" أجزتُ لفلانٍ ومَن يولَد له، أو: أجزتُ لكَ ولولدِك وعقبِك ما تناسلوا " كان ذلك أقربَ إلى الجوازِ من الأول. ولمثل ِ ذلك أجاز أصحابُ الشافعي في الوقفِ القسمَ الثاني دون الأول. * وقد أجاز أصحابُ مالكٍ وأبي حنيفة - أو مَن قال ذلك منهم - في الوقفِ، القسمين كليهما. وفَعَلَ هذا الثانيَ في الإجازة من المحدِّثين المتقدمين " أبو بكر بن أبي داود السجستاني " فإنا روينا عنه أنه سئل الإجازةَ فقال: " قد أجزتُ لك ولأولادِك ولِحَبَل ِ الحَبلةِ " يعني الذين لم يُولَدوا بعد (١).

وأما الإجازة للمعدوم ابتداءً من غير عطفٍ على موجود؛ فقد أجازها " الخطيبُ أبو بكر الحافظ " وذكر أنه سمع " أبا يعلى بن الفراء الحنبلي، وأبا الفضل بن عمروس المالكي " يجيزان ذلك. وحكى جوازَ ذلك أيضًا " أبو نصر ابنُ الصباغ الفقيه " فقال: " ذهب قوم إلى أنه يجوز أن يُجيز لمن لم يُخلَقْ ". قال: (٢) " وهذا إنما ذهب إليه من يعتقد أن الإجازةَ إذنٌ في الرواية، لا محادثة " ثم بَيَّنَ بُطلانَ هذه الإجازة، وهو الذي استقر عليه رأيُ شيخِه " القاضي أبي الطيب الطبري الإمام ".

وذلك هو الصحيحُ الذي لا ينبغي غيرُه؛ لأن الإجازةَ في حُكم الإخبار جملةً بالمُجازِ على ما قدمناه في بيانِ صحة أصل الإجازة؛ فكما لا يصحُّ الإخبارُ للمعدوم، لا تصح الإجازةُ للمعدوم. ولو قدَّرنا أن الإجازة إذنٌ فلا يصح أيضًا ذلك للمعدوم، كما لا يصح الإذنُ في بابِ الوكالةِ للمعدوم؛ لوقوعهِ في حالةٍ لا يصحُّ فيها المأذونُ فيه من المأذونِ له.


(١) أسنده الخطيب عن أبي بكر بن أبي داود، في (الكفاية ٣٢٥).
(٢) الخطيب أبو بكر، في: الكفاية: ٣٢٥ / أبواب الإجازة.

<<  <   >  >>