للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن هذا كلامٌ في العلو المنبني على تقدم الوفاة، المستفادِ من نسبةِ شيخ إلى شيخ، وقياس ِ راوٍ براوٍ، وأما العلوُّ المستفادُ من مجرد تقدم وفاة شيخيك، من غير نظرٍ إلى قياسه براوٍ آخر، فقد حَدَّه بعضُ أهل هذا الشأن بخمسين سنة. وذلك ما رويناه عن " أبي علي الحافظ النيسابوري " قال: " سمعتُ أحمدَ بن عُمَيْر (١) الدمشقي، وكان من أركان الحديث، يقول: إسنادُ خمسين سنةً من موت الشيخ، إسنادُ علوٍّ ". وفيما نروي عن " أبي عبدالله ابن منده الحافظ " قال: " إذا مر على الإِسناد ثلاثون سنةً؛ فهو عال ". وهذا أوسعُ من الأولى. والله أعلم.

الخامس: العلو المستفاد من تقدم السماع. أنبئنا عن محمد بن ناصر الحافظ، عن محمد بن طاهر الحافظ، قال: " من العلو تقدمُ السماع ".

قلتُ: وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله، وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه. مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد، وسماعُ أحدِهما من ستين سنةً مثلا، وسماعُ الآخرِ من أربعين سنةً. فإذا تساوى السندُ إليهما في العدد، فالإِسنادُ إلى الأول الذي تقدم سماعُه أعلى (٢).

فهذه أنواع العلوِّ على الاستقصاءِ والإِيضاح الشافي. ولله سبحانه وتعالى الحمدُ كلُّه. والله أعلم.

وأما ما رويناه عن " الحافظ [٧٨ / و] أبي طاهر السلفي " - رحمه الله - من قوله في أبياتٍ له: (٣)

بل علوُّ الحديث بين أُولي الحف ............................................. ظ والإتقانِ صحةُ الإِسنادِ


(١) على هامش (ص): [قال المؤلف: ابن عمير هذا، هو ابن جَوْصَا، الحافظ أبو الحسن الدمشقي] ٣٢٠ هـ عن نحو تسعين سنة.
(٢) مثل له الحافظ العراقي في (التبصرة ٢/ ٢٦٠) بأن من سمع سنن أبي داود على الزكي المنذري، أعلى ممن سمعه على النجيب الحراني. ومن سمعه على النجيب أعلى ممن سمعه على ابن خطيب المزة والفخر ابن البخاري، وإن اشترك الأربعة في رواية الكتاب عن شيخ واحد وهو ابن طبرزد - ٦٠٧ هـ -؛ لتقدم وفاة المنذري ٦٥٦ هـ، على النجيب ٦٧٢ هـ، على ابن خطيب المزة ٦٨٧ هـ والفخر ابن البخاري ٦٩٠ هـ.
(٣) من أبياتٍ ثلاثة أسندها التقي ابن رافع السلامي: قرأت على ست الفقهاء بنت الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي الواسطي، أنا جعفر بن علي الهمذاني إجازة، قال: أنشدنا - يعني أبا طاهر -: =

<<  <   >  >>