للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لك فما هو؟ قال: الدُّخ " (١) فهذا خَفِيَ معناه وأعضل، وفسره قوم بما لا يصح، وفي (معرفة علوم الحديث للحاكم) أنه الدَّخ بمعنى الزَّخّ الذي هو الجماع (٢)، وهذا تخليط فاحش يغيظ العالمَ والمؤمنَ؛ وإنما معنى الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: قد أضمرت لك ضميرًا فما هو؟ قال: الدخ. بضم الدال، يعني الدخان. والدخ هو الدخان في لغة؛ إذ في بعض روايات الحديث ما نصه: ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني قد خبأت لك خبيئًا " - وخبأ له " يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ " - فقال ابنُ صياد: هو الدُّخ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اخسأ فلن تعدو قدرك " وهذا ثابت صحيح، خرجه الترمذي (٣) وغيره، فأدرك " ابن صياد " من ذلك هذه الكلمة فحسب؛ على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين، من غير وقوف على تمام البيان، ولهذا قال له: " اخسأ فلن تعدوَ قدرَك " أي فلا مزيدَ لك على قدرِ إداركِ الكهان. والله أعلم *.


(١) على هامش (غ): [قال ابن الأثير: الدخ بضم الدال وبفتحها هو الدخان. وأنشد:
* عند رواق البيت يغشى الدخا *] (النهاية) وفي مشارق الأنوار: قيل هي لغة في الدخان .. وقيل: أراد أن يقول: الدخان، فزجره النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تمامه فلم يكمله. وقيل: هو نبت موجود بين النخيل، ورجح هذا الخطَّابي وقال: لا معنى للدخان هنا إلا أن يريد بـ: خبأت، أضمرت. قال القاضي عياض: بل الأصح والأليق بالمعنى أنه هنا الدخان " المشارق ٢/ ٢٥٤ وانظر فتح الباري ٦/ ١٠٥ وشرح النووي للحديث في كتاب الفتن، باب حديث الدجال، من صحيح مسلم، والعراقي في التبصرة ٢/ ٢٨٤.
(٢) لم أجده نصا في مطبوعة حيدراباد من (معرفة علوم، الحاكم: الألفاظ الغريبة في المتون) وفيها: " مزخة يزخها " في رجز عن الإمام علي - كرم الله وجهه - (٩١) ويبدو مبتور السياق. وفي فتح الباري ما نصه: " وقع عند الحاكم: الزخ، بفتح الزاي بدل الدال. وفسَّره بالجماع. واتفق الأئمة على تغليطه في ذلك. ويردّه ما وقع في حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: " فأراد أن يقول: الدخان، فلم يستطع، فقال: الدخ؛ على عادة الكهان من اختطاف الكلمة " الفتح ٦/ ١٠٥.
(٣) جامع الترمذي، كتاب الفتن.

<<  <   >  >>