للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبيعي " يقول: " قدم علينا حلبَ الوزيرُ أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات، فتلقاه أهلُ البلد وكنت فيهم، فقيل له إني من أصحاب الحديث. فقال: أتعرف إسنادًا اجتمع فيه أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كلُّ واحدٍ منهم يروي عن صاحبه؟ فقلت: نعم. وذكرت له حديثَ " السائب بن يزيد، عن حويطب بن عبدالعُزَّى، عن عبدالله بن السعدي، عن عمر بن الخطاب " - رضي الله عنه - في العُمالة (١). فقال لي: صدقتَ. وعرف لي ذلك وصارتْ لي به عنده منزلة ".

قال " الحافظ عبدالغني ": ثم تتبعتُ مثلَ ذلك مما لم يذكره " السبيعي " فوجدتُ حديثًا يرويه " نعيم بن هبار، عن المقدام بن معدي كَرِب، عن أبي أيوب، عن عوف بن مالك " في الأمر بالطاعة والوَصَاةِ بكتاب الله - عز وجل - .. ووجدت أيضًا حديثًا آخرَ اجتمع فيه أربعُ نسوةٍ كلُّهن قد رأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلُّ واحدة منهن عن صاحبتها: روى ذلك الزهري عن عروة بن الزبير، عن: " زينب بنت أبي سلمة، عن حبيبة بنت أم حبيبة، عن أمها أم حبيبة، عن زينب بنت جحش " في " فتح ردم يأجوج ومأجوج ".

قال " الحافظ عبدالغني ": فأما الحديثُ الأول (٢) فحدَّثَنَاه حمزةُ بن محمد الكناني: ثنا أحمدُ بن شعيب، ثنا كثير بن عبيد، ثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن: السائب بن يزيد، أن حويطب بن عبدالعُزَّى أخبره أن عبدَالله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب في خلافة عمر فقال له: أُخبِرتُ أنك تسأل من أعمال الناس أعمالا، فإذا أُعطِيتَ العُمَالة رددتَها؟ فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلى ذلك؟ فقال: إن لي أفراسًا وأعبُدًا وأنا بخير، وأريد أن يكون عملي صدقة على المسلمين. قال عمر: فلا تفعل فإني كنت أردتُ مثل الذي أردتَ، كان [١٥١ / و] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول: أَعْطِه أفقرَ مني، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " خذْه تصدقْ به أو تَمَوَّلْه (٣). ما جاءك الله به من هذا المال من غير تَشَرُّفٍ ولا سائل ٍ فخذه، وما لا، فلا تُتْبِعْه نفسَك ".


(١) والعُمالة: بضم العين: أجرة العامل، يقال: عمّلني وعمَّلنا، مشدد الجيم، جعل لنا أجرة على عملنا (مشارق الأنوار: عمل ٢/ ٨٧) ويأتي تخريج حديثها وما يليها هنا من رباعي الصحابة - رضي الله عنهم -.
(٢) حديث العمالة، الذي اقتصر عليه " أبو محمد السبيعي " في رواية أربعة من الصحابة بعضهم عن بعض، عندما سأله في ذلك " الوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات " ابن حنزابة، وزير المقتدر العباسي.
(٣) تموله: أي اجعله لك مالا (النهاية لابن الأثير: مول).

<<  <   >  >>