للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغربيين فقدوا معظم ممتلكاتهم في شمال إفريقية منذ أيام الملك ( Theudis) (٥٣١-٥٤٨ م) (١) ولقد كانت سَبْتَة بأيدي البيزنطيين منذ منتصف القرن السابع الميلادي، ولا توجد هناك أية إشارة إلى وقوع ما يخالف ذلك (٢). ولهذا يمكن استنتاج أن يليان كان الحاكم البيزنطي العام لولاية موريطانيا الطنجيَّة ( Mauretania Tingtana) وهو إقليم كان في ذلك الحين تابعاً للدولة البيزنطية لا لإسبانيا القوطية، وأن يليان كان يقوم بواجبات الحاكم العام ( Exarcus) لهذه الناحية من قبل الإمبراطور البيزنطي، وأنه بدأ ولايته في سن صغيرة (٣)، وأقام في هذه الناحية زماناً طويلاً. ولما كانت موريطانيا الطنجية بعيدة كل البعد عن بيزنطة، ولما كانت أمور الدولة البيزنطية في ذلك الحين مضطربة اضطراباً لا يمكنها من الإشراف على ولاياتها القريبة فضلاًَ عن البعيدة (٤)، ولما كانت تلك الدولة قد خسرت ولاياتها كافة في شمالي إفريقية بالفتح الإسلامي، ولم يبق غير ولاية سبتة وحدها، لا عون لها ولا سند، غير الدولة الإسبانية، فقد تحرر يليان من سلطان الدولة البيزنطية، وأصبح كالحاكم المستقل في هذه الناحية. وإذ انقطعت عنه الإمدادات من الدولة البيزنطية، فقد أخذ يوثِّق علاقاته بمن جاوره من قبائل البربر، حتى كسب ثقتها وودّها، وأصبح كالزعيم لها، حتى اختلط الأمر على بعض المؤرخين، فحسبوه من البربر. كما أخذ يوثق علاقاته بالإسبان ليحظى منهم بالإمدادات التي تعينه على الثبات أمام المسلمين الفاتحين. ولما وصل موسى بن نصير إلى إقليم طَنْجَة سنة تسع وثمانين الهجرية (٧٠٩ م) وحاصر مدينة طَنجة وفتحها (٥)، سار على رأس جيشه إلى


(١) CMH, vol,١١,p.١٦٣. & Shaw, op. cit. p. ٢٢٢
(٢) Livemore, pp. ١٩١, ٢٤٥.
(٣) ابن الأثير (٤/ ١٠٦).
(٤) فجر الأندلس (٥٤).
(٥) نفح الطيب (١؛ ٢١٥ و ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>