للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون ما فتحوه في المغرب من أهل الأندلس والقوط الذين يحكمونها، كان لابد لهم من فتح الأندلس، لحماية البر الإفريقي في شمالي إفريقية، فقد رأينا طنجة وسبتة قبل فتحهما تحت حكم الأندلس، فقد كان يليان عامل لذريق على سبتة (١): "ثم ساروا إلى مدائن على شط البحر، فيها عمال لصاحب الأندلس، قد غلبوا عليها، وعلى ما حولها، ورأس تلك المدائن سبتة، وعليها علج يسمى: يليان، قاتله موسى، فألفاه في نجدة وقوة وعدّة فلم يُطِقْهُ، فرجع إلى مدينة طنجة، فأقام بمن معه، وأخذ بالغارات على ما حولهم والتضييق عليهم، والسفن تختلف إليهم بالميرة والإمداد من الأندلس من قبل ملكها غيطشة، فهم يذبّون عن حريمهم ذباً شديداً، ويحمون بلادهم حماية تامة، إلى أن هلك غيطشة، فاضطرب حبل أهل الأندلس .. " (٢) هكذا كانت العلاقة وثيقة للغاية بين ولاية سبتة وطنجة وغيرهما مع مملكة القوط في الأندلس، وكان التعاون بين الطرفين وثيقاً، ومنذ أقدم العصور، إذا كان الحكم في الأندلس قوياً، سيطر على المدن الإفريقية المواجهة لساحل الأندلس، وإذا كان الحكم فيها ضعيفاً سيطر البر الإفريقي على الأندلس أو على جزء منها، والهدف هو حماية الأندلس بالسيطرة على مدن الساحل الإفريقي، لتكون الخط الدفاعي الأول عن البر الأندلسي، وحماية البر الإفريقي من حكام الأندلس، بفتح الأندلس، كما فعل المسلمون الفاتحون، فلا بد من أن يكون أحد الطرفين مسيطراً على الطرف الثاني.

إن الهدف من فتح الأندلس، هو ترصين الفتح الإسلامي في شمالي إفريقية بعامة وفي ولايتي طنجة وسبتة بخاصة.

أما الهدف الثاني من الفتح، فهو نشر الإسلام في ربوعها وإعلاء كلمة الله فيها. إن الفاتحين حملوا إلى الناس الإسلام بالفتح، ولم يحملوا الناس بالفتح على الإسلام.


(١) نفح الطيب (١/ ٢٥١).
(٢) نفح الطيب (١/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>