للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتح الأندلس هو لحماية شمالي إفريقية من خطر يتهددها من الأندلس في الحاضر أو المستقبل، حتى لا تصبح قاعدة للعدو ينطلق منها لتهديد الشمال الإفريقي. وقد ثبتت سبتة أمام المسلمين بمعاونة من ملك الأندلس في حينه كما هو معروف (١).

أما ما يردده المستشرقون ويصدقه المستغربون من أن: إسبانيا في السنوات الأخيرة التي سبقت الفتح العربي، عانت من الفوضى والارتباك في الدولة القوطية، نتيجة اغتصاب العرش من قبل لذريق، حيث واجه وضعاً داخلياً سيئاً للغاية، فقد كانت الدولة بحاجة ماسة إلى الأموال، للقضاء على الفتن وحركات التمرد المعادية، لا سيما في منطقة الباسك. لهذا فقد استولى لذريق على خزائن أسلافه في كنيستي سان بيدرو ( San Pedro) وسان بابلو ( San Pablo) في طليطلة، مما سبب استياء رجال الدين. ويمكن القول بشكل عام، إن إسبانيا، كانت تعاني من مشاكل سياسية واجتماعية كبيرة قُبيل مجيء العرب إليها، وإن جيشها لم يكن بحالة تسمح له بالوقوف أمام الجيش العربي الإسلامي (٢)، ومثل هذه التخرصات لا يصدقها أحد، لأن لذريق كان من أقوى قادة القوط وأقدرهم، وقد قضى على التخلف والانحلال باستيلائه على السلطة الضعيفة. كما أن ضعف دولة من الدول، لا تتيح الفرصة لغيرها من الدول أن تكون قوية وقادرة على الفتح. وما كان العرب ولا غيرهم من المسلمين كالبربر يطمعون بحماية أنفسهم من القوط قبل أن يصبح البربر مسلمين، فأصبحوا قوة قادرة بالإسلام وبروح الجهاد الذي بعثه الإسلام في نفوسهم. فإذا كان المستشرقون بروحهم الصليبية والصهيونية يهدفون إلى التقليل من شأن أثر الإسلام في الفتوح والنصر، لأسباب لا يجهلها أحد، فما


(١) سيرد تفصيل ذلك في سيرة طارق بن زياد، كما ورد في سيرة موسى بن نصير، انظر قادة فتح المغرب (١/ ٢٣٦).
(٢) E. Saavedra, Estudio Sobre la invasion. De las en Espana, Madrid, ١٨٩٢, pp. ٤٠-٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>