للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأسباب.

ولكن، لماذا استعان طارق بسفن يليان التجارية؟

"كان يليان يحتمل أصحاب طارق في مراكب التجار التي تختلف إلى الأندلس، ولا يشعر أهل الأندلس بذلك، ويظنّون أنّ المراكب تختلف بالتجار" (١)، وهذا يدلّ على أنّ طارقاً استعان بسفن يليان التجارية، لأنه أراد أن يحيط عملية الإنزال بالسرية التامة، وذلك باستعماله مراكب تجارية لا تعود للمسلمين، لا لأن المسلمين لا يمتلكون السُّفن الكافية.

ومن الواضح، أن المسلمين حينذاك، كانوا يمتلكون سفنهم الخاصة بهم، فقد كان اهتمام المسلمين بصناعة السفن مبكّراً، إذ أدركوا حاجتهم إليها، فأقاموا عدّة دور لصناعة السفن، مثل دار الصناعة في تونس التي أقامها حسَّان بن النعمان الغسَّاني (٢)، بل إنّ معركة بحرية كاملة خاضها المسلمون على شواطئ تونس سنة ثلاث وثلاثين الهجرية أو أربع وثلاثين الهجرية، هي معركة ذات السواري، استخدموا فيها أسطولهم المكون من مائتي سفينة (٣).

وكان قد مضى على فتح الشمال الأفريقي عقود من السنين قبل فتح الأندلس، وكانت شواطئه الطويلة الممتدة على البحر الأبيض المتوسط (بحر الرّوم) والأطلسي، تجعل المسلمين بحاجة إلى السفن، وهو أمر لا يتم بالإعارة والاستئجار. وقد سبق للمسلمين نشاط بحري حربي انطلق من شمالي إفريقية، ففي سنة ست وأربعين الهجرية، وجّه معاوية بن خُدَيج (٤) والي إفريقية أسطولاً عدّته مئتا سفينة لفتح جزيرة


(١) البيان المغرب (٢/ ٦).
(٢) انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح المغرب العربي (١/ ١٧٦ - ٢٢٠) وانظر كتاب: وصف إفريقية للبكري (٣٨ - ٣٩) حول إنشاء دار الصناعة في تونس، وانظر كذلك: المؤنس في أخبار إفريقيا وتونس لابن أبي دينار (١٥ و ٣٥).
(٣) أُنظر: الاستيعاب (٣/ ٩١٩) والعبر (١/ ٣٤) وانظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضيّ (١/ ٣١١).
(٤) انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح المغرب العربي (١/ ٩٠ - ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>