للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذريق أخبار إبادة قوات ابن أخيه بنج الخفيفة، وأن الذي حمل إليه أخبار إنزال العرب في الأندلس هو (تدمير).

وأقصد بالقوات الخفيفة، القوات التي تتحرك بسرعة على ظهور الخيل، ومن المحتمل أنّ تلك القوات جُمِّعت من القوات القوطية المحلية، وقد أصبحت خيولهم غنائم للمسلمين (١).

والذي يبدو، أنّ قرار لذريق السريع، بعد علمه بإنزال المسلمين في جبل طارق، وفتحهم جنوبي إسبانيا بالكامل تقريباً، وتوقعه أن ينطلقوا شمالاً لاستكمال الفتح، هو أنه أمر ابن أخيه بنج، أن يلتقي بالمسلمين على عجل، ويحاول إيقاف تقدمهم في الأندلس أولاً، وإجلاءهم عن الساحل الذي فتحوه، ليعودوا من حيث أتوا إلى قواعدهم الأمامية في سبتة وطنجة. ولتحقيق النصر على المسلمين، عمد بنج إلى حشد قواته المحلية الخفيفة من الخيالة، وأسرع نحو الجنوب لمواجهة المسلمين الفاتحين، دون أن يعرف أنّ المسلمين كانوا في مواضع حصينة لا يسهل التغلب عليها، وفي معنويات عالية تساعدهم على التغلب بسهولة وسرعة على عدوِّهم، ولهم قيادة واعية تحسب لكل شيءٍ حسابه وتضع الحلول المناسبة لما قد يصادفها من معضلات، ولهم جنود من المجاهدين الذين يتوخون إحدى الحُسنيين: النصر أو الشهادة، ولديهم مخابرات نشطة ترصد لهم تحركات العدو وسكناته، وتجعلهم يجاهدون وهم في النور لا في الظلام.

وكان نتيجة المعركة التصادفية التي خاضها بنج على رأس قواته المرتجلة، نكبة قاصمة للظهر عليه وعلى قواته، فلم ينج منهم إلاّ واحد نجا بأعجوبة، ليحمل أنباء الكارثة التي حلّت ببنج وقواته إلى الملك لذريق.

والسبب في عدم إرسال لذريق قوات كافية من القوات التي بإمرته، هو بُعد تلك القوات عن مسرح العمليات، حيث كانت في أقصى الشمال، ومسرح


(١) الرازي- نشر سافيدرا (١٤٦ - ١٥٠) والبيان المغرب (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>