للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت كلها من الرّجالة، في حين سنرى للمسلمين قوّة من الخيالة في المعركة الحاسمة (١).

وييدو أن تقدم المسلمين الموفق في الأندلس إلى هذه اللحظة، قد أنعش الآمال في أنفس أعداء لذريق، فانضم منهم إلى المسلمين نفر كبير أعانوهم بالقوة والرأي (٢). وتسامع بذلك نفر من جند لذريق الغاضبين عليه، فبدأت نفوسهم تحدّثهم لانتهاز الفرصة للانقلاب عليه في حالة اشتباكه بالمسلمين، ويقال: إنّ شيشبرت وأبّه أخوي غيطشة، كانا على رأس هذا الفريق الذي عزم على الخيانة، وإنهما انتظرا اللحظة المواتية ليتخليا عن لذريق، ويتركاه يلقى جزاءه على ما فعل بغيطشة (٣).

ويبدو أن لذريق كان يشعر بما يدور حوله، وكان يدرك أن نفراً من جنده يدبر له الخيانة، فأحب قبل أن يلقى المسلمين، أن يتعرّف على ما لديهم من القوّة، فبعث طليعة من فرسانه لتناوشهم، فلم يكد المسلمون يرونها حتى انقضوا عليها انقضاضاً شديداً، فولّت هاربة، وأنبأت لذريق بحال المسلمين وما هم عليه من الحمية والتشوق للقتال، فكاد يسقط في يديه (٤).

ولابد من التوقف قليلاً، لمناقشة التحاق القوط النصارى بالجيش الإسلامي، قبل المعركة الحاسمة، ومعاونتهم للمسلمين وتعاونهم معهم في


(١) يذهب سافدرا -اعتماداً على المصادر المسيحية ئ- إلى أن عدد جيش طارق بلغ قبل المعركة الحاسمة خمسة وعشرين ألفاً، بسبب من انضم إليهم من النصارى من أنصار غيطشة وأعداء لذريق من أهل البلاد، أي أنّ من انضم إليه من النصارى يبلغ ثلاثة عشر ألفاً، وهذا مستبعد. بيد أنّ هذا لا يمنعنا من القول بأن بضعة آلاف من النصارى انضموا إلى المسلمين، أنظر فجر الأندلس (٧٢) الهامش (١).
(٢) البيان المغرب (٢/ ١١) ونفح الطيب (١/ ١٦٢)، ويفهم مما ورد في نفح الطيب، أنّ الذي دبّر الخيانة لم يكن أبناء غيطشة وأخواه فقط، وإنما نفر عظيم من القوط كانوا غضاباً على لذريق.
(٣) افتتاح الأندلس (٣) والبيان المغرب (٢/ ٨) ونفح الطيب (١/ ١٦٣) وأخبار مجموعة (٦).
(٤) نفح الطيب (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>