للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من التعصب الديني على الإسلام والمسلمين، وعلى الواقع والتاريخ.

ب - حرق السُّفن:

ذكر الشريف الإدريسي في معجمه الجغرافي: (نزهة المشتاق)، عند الكلام على جغرافية الأندلس، أن طارقاً أحرق سفنه بعد العبور بجيشه إلى الأندلس (١)، وقد نقلت بعض المصادر والمراجع المتأخرة هذه الرواية عن الإدريسي فيما يرجّح، وفيما عدا ذلك فإن جميع المصادر العربية والإسلامية، تمرّ عليها بالصمت المطلق. (٢)

وقد يقال، إن في خطاب طارق ما يؤيّد صحّة هذه الرواية، فطارق يستهلّه بقوله: (أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدوّ أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر)، وفي ذلك ما يمكن أن يفسّر أن الجيش الإسلامي الفاتح، قد جُرِّد من السفن التي حملته من سبتة إلى الأندلس. وتفسير أقوال طارق هذه، هو أن السفن ليست ملكاً للفاتحين ولا تحت تصرفهم في جميع الأوقات، وأنها عادت إلى صاحبها يُليان، ولم تبق على الساحل الأندلسي، جاهزة لتأمين انسحاب الفاتحين من الأندلس إلى الساحل الأفريقي.

إن يليان هو الذي قدم السفن لنقل الفاتحين إلى الأندلس في بعثتهم الاستكشافية الأولى بقيادة طريف بن مالك. وهو الذي قدّم السفن إلى الفاتحين بقيادة طارق، وهي ليست ملكاً للمسلمين ليُقدم طارق على حرقها، بل هي ملك صاحبها يليان، فإذا التحقت به بعد إنجاز واجبها في حمل الفاتحين إلى البر الأندلسي، وبعد إكمال إنزال الفاتحين من تلك السفن إلى البر الأندلسي، فلا تبقى سفن على الساحل الأندلسي يركن إليها المسلمون في


(١) نزهة المشتاق في اختراق الآفاق (١٧٨) - طبع رومة.
(٢) دولة الإسلام في الأندلس (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>