للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي كانوا في حاجة ماسة إليها، وتفرق من بقي من فلول القوط إلى المدن الأندلسية الأخرى.

ومن الطريف، أن طارقاً ظفر بالعِلْج صاحب إسْتَجَّة، فقد كان مُغترّاً سيئ التدبير، فخرج إلى النهر وحده لبعض حاجاته، فصادف طارقاً هناك قد أتى لمثل ذلك، وطارق لا يعرفه. ووثب عليه طارق في الماء، فأخذه وجاء به إلى معسكر المسلمين، فلما كاشفه اعترف له بأنه أمير المدينة، فصالحه طارق على ما أحبّ، وضرب عليه الجزية، وخلّى سبيله، ولعلّه عاون في استسلام المدينة للمسلمين، فقد كانت في موقع حصين، يساعدها على الدفاع المدبّر، كما كان فيها حماة من القوط الهاربين ومن أهل المدينة بأعداد لا يستهان بها، ساعدهم على الدفاع المديد، ولكن المسلمين فتحوها أخيراً بعد أن تكبدوا خسائر لا يستهان بها من الشهداء والجرحى.

وازدادت خشية القوط من المسلمين، وبشكل خاص عندما تبين لهم أن هيمنة طارق أصبحت مؤثرة وفعّالة في مناطق عديدة من بلاد الأندلس. وقد كان بعضهم يعتقد أول الأمر، أن هدف طارق، هو الحصول على الغنائم والعودة إلى الشمال الأفريقي، كما فعل طريف بن مالك من قبله، ولكنهم حين رأوا تقدمه السريع، هجروا مناطق السهول من البلاد، ولجأوا إلى الجبال وبقية المدن الحصينة الأخرى (١). وأصبحت حالة القوط ممزّقة بعد موت لذريق (٢)، نتيجة من نتائج انتصار المسلمين الحاسم، وعمد دوق ( Duke) كل منطقة إلى الاستقلال بناحيته، وضرب الخوف والارتباك أطنابها في صفوف القوط، فاتخذت البلاد المهمّة مثل قُرْطُبَة وطَلَيْطُلَة وماردة والبيرة لها حكاماً ...............................................................


= (٢/ ٨) ونفح الطيب برواية الرازي (١/ ٢٦٠).
(١) أخبار مجموعة (٩ - ١٠) وابن الأثير (٤/ ٥١٣) والبيان المغرب (٢/ ٨ - ٩) برواية الرازي، ونفح الطيب (١/ ٢٦٠) برواية الرازي.
(٢) Chr. ٧٥٤,P.١٤٧. (no.٣٦) حولية سنة ٧٥٤ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>