للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَدْريد (١). واسم المائدة، مشتق من مائدة عَثر عليها طارق، وهي كما يُروى تعود إلى سليمان بن داوود عليهما السلام (٢). ولكن ابن حيّان ينكر هذا الادِّعاء، ويذكر أن هذه المائدة صنعت من الذهب والفضة ومن معادن نفيسة أخرى، بتبرعات ومساهمة أغنياء القوط لكنيسة طليطلة، واستُخدمت من قبل القساوسة لحمل الأناجيل أيام الأعياد، وزينة توضع فوق مذابح الكنيسة (٣). والاحتمال الغالب أنها كانت مذبحاً لكنيسة طليطلة أكثر من كونها مائدة حقيقية، حملت إلى هذا المكان القصي الحصين من قِبَل الهاربين من القساوسة ورجال الدين المسيحي (٤)، وكان أسقف طليطلة نفسه سَنْدَرِد ( Sindered) من بين الذين تمكنوا من الهرب في أثناء الفتح، ونجح فعلاً في الوصول إلى إيطاليا (٥). وبعد افتتاح قلعة هنارس غنم طارق هذه المائدة مع التحف الثمينة الأخرى (٦).


(١) Saavedra.P.٧٩.
(٢) فتوح مصر والمغرب (٢٠٧) والإدريسي (١٨٧ - ١٨٩) وأخبار مجموعة (١٥) وفتح الأندلس (٩) وابن الأثير (٤/ ٥٦٤) والبيان المغرب (٢/ ١٢) والنويري (٢٢/ ٢٨).
(٣) نفح الطيب برواية ابن حيان (١/ ٢٧٢).
(٤) قارن: فجر الأندلس (٧٨ - ٧٩).
(٥) Chr. ٧٥٤.P.١٤٧ (no.٣٥)
(٦) يذهب معظم المؤرخين المسلمين إلى أنّ طارقاً غنم هذه التحفة الثمينة مع غيرها من التحف في مدينة المائدة، وهذه هي في الغالب قلعة هنارس، وهي بالطبع ليست مائدة سليمان بن داود عليهما السلام - إن كانت لسليمان مائدة - وهي ليست كذلك بمائدة أصلاً، إذ لا يُعقل أن يهتمّ القوط ولا غيرهم بصناعة مائدة بمثل هذه الفخامة، ولكنّها على الغالب مذبح الكنيسة الجامعة في طليطلة، إذ لم تكن في قلعة هنارس إذ ذاك كنيسة كبيرة يحتمل وجود مثل هذا المذبح الفخم فيها، ويفهم ذلك من عبارة صريحة لابن حيان يقول فيها: "وهذه المائدة المنوّه عنها المنسوبة إلى سليمان النبيّ عليه السلام، لم تكن له فيما يزعم رواة العجم، وإنما أصلها أن العجم في أيام ملكهم، كان أهل الحسبة منهم، إذا مات أحدهم أوصى بمال للكنائس، فإذا اجتمع عندهم ذلك المال، صاغوا منه الآلات الضخمة من الموائد والكراسي وأشباهها من الذهب والفضّة، تحمل الشمامسة والقسوس فوقها مصاحف الأناجيل إذا أبرزت أيام =

<<  <  ج: ص:  >  >>