للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصبحت قوات المسلمين في خطر محدق، لتزايد وطأة المقاومة القوطية، ولانكشاف جناحيها الأيمن والأيسر، ولتعرض خطوط مواصلاتها للانقطاع؛ فقدم موسى على رأس قوات ضاربة من المسلمين، لترصين موقف قوات طارق في الأندلس، واستئناف الفتح، وهكذا اهتم طارق بتطبيق مبدأ: الحشد، بما يناسب ظروفه الراهنة (١).

وإذا نوقش أسلوب تطبيق طارق، لمبدأ: تحشيد القوة، على الطريقة العسكرية الحديثة، من عسكري مختص بمثل هذه البحوث والدراسات، فربما يتورّط بإصدار استنتاجات خاطئة، وبخاصة إذا نوقش أسلوب طارق لهذا المبدأ، اعتماداً على الناحية المادية من التحشّد حسب، إذ أن حشد سبعة آلاف مجاهد للعبور من أجل تحقيق الفتح، وحشد اثنى عشر ألف مجاهد للمعركة الحاسمة التي خاضها طارق على القوط بقيادة لذريق، إذ ما جدوى حشد سبعة آلاف مجاهد لمواجهة مملكة وشعب وبلاد شاسعة؟ وما جدوى حشد اثني عشر ألف مجاهد لمواجهة مائة ألف قوطي أو ثمانين ألف قوطي؟ وكيف يمكن أن ينتصر واحد في الهجوم على سبعة في الدفاع عن بلده؟ والمعروف أن المهاجم ينبغي أن يكون خمسة أمثال المدافع على الأقل، ليمكن أن يكون الهجوم ناجحاً!

لقد كان تفوق القوط على المسلمين (مادياً) فواقاً ساحقاً، فكان المسلمون مقصرين في تطبيق مبدأ، تحشيد القوة، من الناحية المادية، ولكن المسلمين كانوا متفوقين على القوط (معنوياً) فواقاً ساحقاً.

وكان نابليون يقول: (إن الجيش يتألف من ٧٥% معنوياً، ومن ٢٥% مادياً)، وآخر ما استقرت عليه آراء الخبراء العسكريين العالميين، بعد تطور الأسلحة وظهور الأسلحة النوويّة، هو: إن الجيش يتألف من ٥٠% مادياً


(١) كان مبدأ تطبيق تحشيد القوة، بالنسبة للمسلمين، قياساً على الناحية المادية في القوّة وحدها، غير كافٍ، لأن التفوّق المادي كان دوماً إلى جانب القوط، ولكن التفوق المعنوي كان إلى جانب المسلمين، فانتصرت الفئة القليلة على الكبيرة بإذن الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>