للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و ٥٠% معنوياً)، فلا يزال للمعنويات وزن مرموق حتى في العصر الحديث، الذي يمكن أن نطلق عليه: العصر المادي، لأن اهتمام الناس عامة بالناحية الروحية المتمثلة بالدين، في هذا العصر، أقل بكثير من اهتمامهم بهذه الناحية في القرون الخالية.

وقد كان اهتمام المسلمين بالدين الحنيف عظيماً، في القرن الأول الهجري، الذي كان خير القرون بلا مراء، من ناحية التمسك بالدين والاهتمام به: "خير الناس قَرْني، ثم الذين يلُونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيءُ أقوام تسبق شهادةُ أحدهم يمينَهُ، ويمينُه شهادته" (١) - كما قال عليه الصلاة والسلام - واهتمام المسلمين بالدين، رَفَعَ معنوياتهم، لأن أحدهم كان يحرص على الموت، كما كان يحرص غيرهم على الحياة، وكان كل فرد منهم يتمنى أن يموت قبل صاحبه لينال الشهادة، وكان كل فرد من غيرهم يتمنى أن يموت صاحبه قبله، كما قال خالد بن الوليد لأحد قادة الرّوم في معركة اليرموك الحاسمة، لذلك كانت معنويات المسلمين عالية جداً في ذلك القرن، وهذه المعنويات اكتسحت أمامهم تفوق عدوهم المادي عليهم، وقادتهم إلى النصر.

إن تطبيق المقاييس المادية الشائعة في هذا العصر كثيراً، على أسلوب تطبيق طارق وأمثاله من القادة المسلمين مبدأ: تحشيد القوة، لا يخلو من محاذير يؤدي إلى استنتاجات خاطئة. ومن المهم في هذا المجال، ألاّ ننسى القرن الذي حارب فيه طارق، والمعنويات العالية التي كان يتحلى بها المسلمون المجاهدون يومذاك، وأثر المعنويات العالية في إحراز النصر.

وصدق الله العظيم: ((* كَمْ مِنْ فِئَةً قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ*)) (٢).


(١) رواه عن ابن مسعود، الشيخان البخاري ومسلم، والإمام الترمذيّ، والإمام أحمد بن حنبل في مسنده، أنظر مختصر شرح الجامع الصغير للمناوي ٢/ ١٣.
(٢) سورة البقرة- الآية: ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>