للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين. ولعل طبيعة المسلمين زُهداً وتقشفاً، في أيام الفتوح، هي التي سهلت عليهم تحمل نواقص الأمور الإدارية، وزادت من صبرهم عليها، إذ لم يكونوا قد اعتادوا ترف العيش وتعودوا عليه.

ي - التّعاون (١):

كان التعاون وثيقاً بين طارق ورجاله في عمليات الفتح، منذ بدايتها إلى أن سُحب طارق من جبهة القتال في الأندلس إلى دمشق، فقد كان طارق كما ذكرنا يثق برجاله ويثقون به، وكان يحبهم ويحبونه، وكان يتمتع بمزايا قيادية تجعله قريباً من قلوب رجاله أثيراً عليهم، لذلك كان التعاون وثيقاً بين القيادة ورجالها، لأنه ينطلق من أسس رصينة، ولا ينطلق من خوف أو رغبة، ولا من سلطة أو رهبة.

وكان التعاون وثيقاً أيضاً، بين طارق ومسئوله المباشر موسى بن نصير، فقد لَبَّى موسى كل مطالب طارق، فبادر إلى إرسال المدد إليه فوراً بعد طلبه، فوصل المدد إلى طارق في المكان والزمان المناسبين، أي في ساحة القتال، قبل الاشتباك في المعركة الحاسمة - معركة وادي لَكُّهْ. ولما استنجد طارق بموسى ثانية بعد فتح طليطلة وتعرّضت قوات المسلمين إلى خطر محدق، من جرّاء تغلغلها بالعمق فى الأندلس، بادر موسى بالعبور على رأس المدد، وبذل قصارى جهده للقضاء على مواطن الخطر الذي كان محدقاً بقوات طارق في الأندلس، ولم يتأخر موسى عن معاونة طارق والتعاون معه، تحقيقاً للفتح.

كما صنّع موسى السفن محلياً، فأنشأ مصنعاً حربياً لصنع السفن، واستطاع أن يحمل المدد على سفنه لا على سفن يُليان، كما جرى في عبور جيش طارق إلى البر الأندلسي، في بداية الفتح.

ولم يقتصر طارق، على وضع مبدأ: التعاون، في حيِّز التطبيق العملي،


(١) التّعاون: توحيد الطاقات الماديّة والمعنويّة كافة، لبلوغ الغرض، وهو إحراز النصر على العدو وإجباره على الإستسلام دون قيد ولا شرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>