للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تغلغل طارق بقواته القليلة نسبياً تغلغلاً بالعمق في الأندلس، امتد من جبل طارق حتى طُليطلة، فعرَّض بحق تلك القوات إلى خطر عظيم، لأنه كشف جناحيها: الأيمن والأيسر، وعرّض خطوط مواصلاتها للانقطاع، فأصبح خطر القوط يهدّد قوات طارق، ليس من أمام، باعتبار أن العدو في الجبهة أمام المسلمين، بل من يمين الجيش الإسلامي، ومن يساره، ومن خلفه، وأصبح مهدداً بقطع خطوط مواصلاته، التي تربطه بقاعدة المسلمين الأمامية المتقدمة في جبل طارق، وقاعدة المسلمين الأمامية فى سَبْتَة وطنجة، وقاعدة المسلمين الرئيسة في القيروان.

لذلك قرّر موسى بن نصير، أن يتولى تلافي الأمر بنفسه، بالعبور على رأس قوات المدد، وبذل قصارى جهده بما عرف به من سمات قيادية متميزة، للقضاء قضاءً مبرماً على مواطن الخطر التي كانت محدقةً بقوات طارق في الأندلس، وحماية جناحيهما الأيمن والأيسر حماية كافية، وتأمين خطوط مواصلاتها بقاعدتها الأمامية المتقدمة، وبقواعدها الأمامية على البر الأفريقي القريب من الشواطئ الأندلسية وبقاعدة المسلمين الرئيسة في إفريقية والمغرب في القيروان.

وأسرع موسى بإنزال قواته على البر الأندلسي في منطقة جبل طارق، ثم دخل الجزيرة الخضراء وأقام فيها أياماً للراحة.

وكان مجرد وصول موسى على رأس قواته إلى البر الأندلسي، قد أثّر في معنويات المقاومة القوطية، وجعلها تحسب حساب هذه القوات الإسلامية الجديدة، وتتريث في التعرض بقوات طارق، ريثما ينكشف الموقف وتتضح الأمور.

وزحف موسى إلى شَذُوْنَة، فاستعاد فتحها، وكان طارق قد فتحها بعد المعركة الحاسمة مباشرة، ويبدو أن القوط استعادوها من المسلمين.

وتحرك موسى من شذونة إلى قَرْمُوْنَة ورعواق، ففتحها أيضاً، وبذلك أُمِّنت خطوط مواصلات المسلمين من الجزيرة الخضراء وجبل طارق إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>