للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبِيَ من الروم بالمشرق وهو صغير، فأدّبه عبد الملك بن مروان مع ولده الوليد، وأنجب في الولادة، فصار بنو مغيث الذين نجبوا في قرطبة، وسادوا وعظم بيتهم، وتفرعت دَوْحَتهم، وكان منهم عبد الرحمن بن مغيث حاجب عبد الرحمن بن معاوية صاحب الأندلس (١) وغيره (٢). والمرجح أنه رومي، فقد نُسب إلى الروم وهو على قيد الحياة، وكان مولى لبني أمية، وكان بإمكانه أن يُظهر نسبه إلى جَبَلَة بن الأيْهَم وإلى ملوك الغساسنة في حياته، فلما أصبح أولاده من ذوي السلطة والثراء في الأندلس، أرادوا أن يجمعوا بين الحسب المرموق والنسب العريق، في عهد كان للنسب فيه مكانة كبيرة جداً، وبخاصة للنسب العربي الأصيل إلى إحدى القبائل الأصيلة، في عهد بني أُميّة، فانتسبوا إلى الغساسنة، فسجّل لهم انتسابهم هذا أحد المؤرخين، ثم تناقلها المؤرخون عن بعضهم، الخلف عن السّلف. ووضع نسبه واضح، ولا يبدو أنه المسئول عن وضعه، بل هو من وضع عَقِبه، فهم المسئولون عن هذا الوضع، الذي أرادوا به الفخر ومنافسة أصحاب النسب في نسبهم العريق.

ونشأ مغيث في دمشق، وتأدب مع بني عبد الملك، فأفصح في العربية، وصار يقول من الشعر والنثر (٣)، ما يجوز تدوينه، وتدرّب على الركوب، وأخذ نفسه بالإقدام في مضايق الحروب، حتى تخرّج في ذلك تخرُّجاً أهّله للتقدم على الجيش الذي فتح قُرطبة (٤).

لقد نشأ مغيث وترعرع وشبّ في أحضان البيت المالك: بيت الخليفة عبد الملك بن مروان، وتعلّم جنباً إلى جنب الوليد بن عبد الملك. وكان


= ولم يزل هناك إلى أن هلك، أنظر المعارف (٦٤٤).
(١) عبد الرحمن بن معاوية الداخل: أنظر سيرته المفصّلة في نفح الطيب (٣/ ٢٧ - ٥٥).
(٢) نفح الطيب (٣/ ١٢) عن الحجازي.
(٣) نفح الطيب (٣/ ١٢) عن الحجازي.
(٤) نفح الطيب (٣/ ١٢ - ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>