للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نهاية القرن الخامس الميلادي كان زعيم هذه القبائل أمير شجاع يدعى كلوفيس، بدأ حكمه في مدينة تورني، وفي سنة (٤٨٦ م) غزا شمالي فرنسة وانتزعه من يد الحاكم الروماني. ثم استولى على معظم جنوبي فرنسة، واعتنق النصرانية وجعل باريس عاصمة له. وتابع أبناء كلوفيس سياسته. فوسّعوا مملكتهم إلى شطر ألمانيا وإيطاليا. ولكن السلطة المركزية ضعفت بالتدريج، فأصبح لكل منطقة أمير. وكان أمير منطقة أكويتانا في جنوبي فرنسة هو الدوق أودو قوياً مسيطراً، وفي أيامه اخترق السّمح جنوبي فرنسة (١).

وبعد أن انتهى السَّمح من أمر أربونة التي افتتحها عَنْوَة، وشحنها وشحن المدن المجاورة لها بالمجاهدين، واستكمل فتح ولاية سبتمانيا القوطيّة، توغّل في غالة حتى وصل إلى طَلُّوْزَة (٢) ( Toulouse) ، وكانت يومئذ عاصمة أكويتانا، وفي محاولة لفتح هذه المدينة بالقوّة، أحاطها المسلمون بالخنادق وبقيّة آلات الحصار. وكان أودو ( Eudo) دوق أكويتانا أحد أحفاد أسرة كلوفيس، أقوى أمراء الفرنج في جنوبي فرنسة وأشدّهم بأساً، وكان أثناء الاضطراب الذي ساد مملكة الفرنج، قد استقلّ بأكويتانا وبسط حكمه على القسم الأكبر جنوبي فرنسة، من الّلوار إلى البرنية، والتفّ حوله القُوْط والبُشْكَنْس، وأخذ يطمح إلى انتزاع حكم الفرنج أو ملك أسرته، ولكنّه اضطرّ إلى مقاومة المسلمين، وشُغل عن تحقيق طموحه.

وكان السَّمح قد فتح ولاية سبتمانيا القوطيّة، وأقام فيها حكومة إسلامية، ووزّع الأرض بين المسلمين الفاتحين والسكّان الأصليين، وفرض الجزية


(١) أنظر التفاصيل في دولة الإسلام بالأندلس (١/ ٧٦ - ٧٩).
(٢) طلوزة: ويسميها قسم من العرب تولوز، وطولوشة، وهي: (= Tolosa Toulouse) كما تكتب بالإنكليزية والفرنسية، وهي مدينة طولوز جنوبي فرنسة، أنظر ما جاء حولها في تاريخ غزوات العرب (١٣).
وتسميها قسم من المراجع العربية: طرسونة، وطرسونة هذه في مدن تطيلة، ولا علاقة لها بطلوزة، أنظر معجم البلدان (٦/ ٤١) والروض المعطار (١٢٣) والحلل السندسية (٢/ ١٧٢) وجغرافية الأندلس وأوروبا (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>