للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاد؛ (١) ثم أصبح من حرس معاوية بن أبي سفيان (٢)، ثم أصبح على حرس معاوية (٣)، وعلى جيوشه (٤)، ولكنه لم يشهد معه قتال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (٥).

ولا نعلم متى وُلد، وأين، ولا نعلم عن أيامه الأولى شيئاً، ونستطيع أن نستنتج أنه نشأ وترعرع واستوى على عوده، بالمقارنة مع لِداته في عصره، الذين عاشوا في بيئة مشابهة لبيئته الاجتماعية، فهو أمثاله يربّون تربية تفيد عقولهم بالعلم، وتفيد أبدانهم بالتدريب العسكري، ويخالطون العلماء والقادة والإداريين عن كثب، فيتلقّون منهم عصارة علومهم وتجاربهم في الحياة، ويتعلمون منهم كيف يواجهون الأحداث، وكيف يجدون الحلول المجدية للمعضلات، فإذا أصبحوا كفايةً وعُمراً قادرين على العطاء، مُنحوا الفُرص لإبداء كفاياتهم في ميدان الإدارة، أو في ميدان القيادة، أو في الميدانين معاً، فتظهر معادنهم الأصلية، ويُكتب لهم النجاح أو الإخفاق.

لقد نشأ عبد الأعلى وترعرع في ظروف ملائمة كل الملائمة، لاستكمال مزاياه الشخصية، فتلقى مختلف العلوم والآداب والفنون المعروفة يومذاك، وتدرّب على الفنون العسكرية العملية والنظرية، وتلقى تجارب القادة والإداريين، وبخاصة تجارب والده موسى الغنية بالعمل والإنتاج والآلام والآمال. وقد طبّق الفنون العسكرية النظرية عملياً في ميدان القتال، وبذلك جمع التدريب الفني النظري والعملي، ووضع معلوماته العسكرية النظرية في حيِّز التنفيذ العملي.

ولما عبر موسى إلى الأندلس في رمضان من سنة ثلاث وتسعين


(١) الطبري (٢/ ٥٧٧) وأنظر ابن الأثير (٢/ ١٥١).
(٢) ابن خلدون (٤/ ١٨٧).
(٣) وفيات الأعيان (٤/ ٤٠٢) ونفح الطيب (١/ ٢٢٤).
(٤) نفح الطيب (١/ ٢٢٤).
(٥) وفيات الأعيان (٤/ ٤٠٢) ونفح الطيب (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>