للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية بن أبي سفيان (١)، ثم أصبح على حرس معاوية (٢)، وعلى جيوشه (٣)، وكانت منزلة نُصير عند معاوية مكينة، فلما خرج معاوية لقتال علي بن أبي طالب، لم يخرج معه نصير، فقال له معاوية: "وما منعك من الخروج معي، ولي عندك يد لم تكافئني عليها؟؟ "، فقال: "لم يمكنّي أن أشكرك بكفري مَن هو أولى بشكري منك! "، فقال: "ومَن هو؟! "، فقال: "الله عزّ وجلّ"، فأطرق معاوية مليّاً، ثم قال: "أستغفر الله"، ورضي عنه (٤).

ونشأ عبد الله وترعرع وشبّ، في أحضان أبيه موسى الذي كان قائداً ووالياً، في ظروف ملائمة لاستكمال شخصيته، بالعلم والتدريب وبالاتصال المباشر بالقادة والولاة والعلماء، وأهل التجارب.

وكان التعليم النظري لاستيعاب العلوم المتيسِّرة السّائدة في حينه ميسوراً، ليس لأبناء القادة والولاة والمترفين حسب، بل لأبناء الناس من مختلف الطبقات. فنشأ عبد الله ليتعلم القرآن وعلومه، والحديث النبوي الشريف وعلومه، والتاريخ والسِّير وأيام العرب في الجاهلية والإسلام، وأتقن علوم العربية صَرْفاً ونحواً وبلاغةً وبياناً وشعراً ونثراً، وحفظ نماذج من أقوال الخطباء والبلغاء والشعراء، ولم يُغفل الحساب والهندسة وتقويم البلدان.

وكما كان يحرص الآباء على تعليم أولادهم العلوم المختلفة والآداب والفنون، كانوا يحرصون أيضاً على تعليم أولادهم العلوم العسكرية العملية والنظرية، في تلك الأيام التي تعجّ بالجهاد والفتوح.

وقد تعلم عبد الله العلوم العسكرية النظرية: إقامة المعسكرات، تنظيم المعسكر، اختيار مناطق التعسكر، وشروط المعسكر الجيّد، فنون التعبية كإخراج المقدّمات والمؤخرات والمجنبات، وأساليب الحماية المختلفة،


(١) ابن خلدون (٤/ ١٨٧).
(٢) وفيات الأعيان (٤/ ٤٠٢) ونفع الطيب (١/ ٢٢٤).
(٣) نفح الطيب (١/ ٢٢٤).
(٤) وفيات الأعيان (٤/ ٤٠٢) ونفح الطيب (٢٢٤ - ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>