للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكاتب، فاكتب بالحقيقة". فكتب موسى: "قد كان ذلك وهماً من الكاتب على ما ظنّه الأمير! والخمس أيها الأمير ستون ألف رأس ثابتاً بلا وَهْم"، فلما بلغه الكتاب، عجب كل العجب وامتلأ سروراً، وكان الخليفة عبد الملك بن مروان كتب إلى أخيه عبد العزيز: "قد بلغ أمير المؤمنين ما كان من رأيك في عزل حسّان (١) وتولية موسى، وقد أمضى لك أمير المؤمنين ما كان من رأيك وولاية مَن ولّيتَ"، فكتب عبد العزيز إلى أخيه يعلمه بالفتح وبكتاب موسى (٢).

ومن الواضح، أن هناك مبالغة شديدة في عدد الأسرى، فإذا كان الخمس ستين ألفاً، فمعنى ذلك أن تَعْداد السّبي يكون ثلاثمائة ألف. فإذا كان سبي زغوان عشرة آلاف، وسبي عبد الله مائة ألف، وسبي مروان مائة ألف، فيكون المجموع عشرة آلاف ومائتي ألف، لا ثلاثمائة ألف (٣).

وقد ورد في مصدر آخر، أن تعداد سبي عبد الله، بلغ ألف رأس (٤) فقط، وهذا عدد مناسب معقول، فإذا كان تعداد سبي مروان ألف رأس أيضاً، وتعداد سبي موسى في زغوان مثل هذا العدد، فيكون مجموع السبي ثلاثة آلاف رأس، ويكون الخمس من هذا السبي ستمائة رأس، لا ستين ألفاً، بيد أن الناسخ أخطأ في النقل، فأضاف لكل عدد صفرين إلى اليمين من العدد الحقيقي الأصلي.

ودلالة أعمال موسى بن نصير هذه، أنه استطاع القضاء على جيوب المقاومة في إفريقية، وأنه استطاع إخضاع قبائل البربر التي خرجت على الطاعة، بعد مسير حسّان بن النعمان إلى المشرق، وأنّ، موسى أراد أن يحلّ


(١) حَسَّان بن النّعمان الأزديّ الغسّاني: أنظر سيرته المفصّلة في كتابنا: قادة فتح المغرب العربي (١/ ١٧٢ - ٢٢٠).
(٢) البيان المغرب (١/ ٤٠) والإمامة والسياسة (٢/ ٦٣).
(٣) قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٣١).
(٤) ابن الأثير (٤/ ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>