للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاميون منذ البداية بولاية إلبيرة، وغدوا بمضي الزمن كثرة فيها.

واستمرت إلبيرة قاعدة لهذه الولاية ومركز قضائها في ظل الدولة الأموية، حتى أواخر القرن الرابع، حينما انهارت الخلافة الأموية، وتعاقبت الفتن، وعاث البربر في البلاد، وخربت مدينة إلبيرة شيئاً فشيئاً، حتى غدت غرناطة قاعدة الولاية مكانها، وغلب اسم غرناطة على الولاية نفسها، ومن ذلك الحين اختفى اسم إلبيرة كقاعدة من قواعد الأندلس، وذكر اسم غرناطة مكانها. والواقع أن إلبيرة وغرناطة تعتبران في معظم الأحيان، ولاسيما في المراحل الأولى لتاريخ الأندلس اسمين لمكان واحد، وقد جرى كثير من المؤرخين والجغرافيين على المزج بينهما (١).

وغَرناطة، اسم قديم، يرجع إلى عهد الرومان والقوط، وقد اختلفت آراء الباحثين في أصل هذه التسمية، فيرى قسم منهم أنه مشتق من الكلمة الرومانية ( Granata) أي الرمانة، وأنها سميت كذلك لجمالها وكثرة حدائق الرومان التي تحيط بها (٢). ويرى قسم آخر أن التسمية ترجع إلى أصل قوطي أو أنها ترجع إلى أصل بربري مشتق من اسم إحدى القبائل، وأرجح الرأي الأول. وغرناطة تتمتع بموقع فائق في الحسن، فهي تقع في وادٍ عميق، يمتد من المنحدر الشمالي الغربي لجبال سييرا نفادا، وتظللها الآكام العالية من الشرق والجنوب، ويحدها من الجنوب نهر شنيل فرع الوادي الكبير (٣)، وهو ينبع من جبال سييرا نفادا، ويخترقها فرعه المسمى نهر حدرّه (٤) أو هدرة ( El Darro) ويلتقي به عند جنوبي المدينة. وقد كان شَنيل وفرعه حدره أيام المسلمين يفيض بالماء، ولاسيما في الصيف، حيث تذوب الثلوج، وكانت


(١) الإحاطة في أخبار غرناطة - ابن الخطيب (١/ ٩٩ - ١٠٥) - القاهرة - ١٩٥٥ م.
(٢) معجم البلدان (١/ ٢٧٩ - ٢٨٠).
(٣) شنيل: هو بالإسبانية ( Xanil) أو ( Genil) ، ويسمى أيضاً عند الأندلسيين بنهر سنجيل مشتقاً من اسمه الّلاتيني Singilis
(٤) في معجم البلدان (٦/ ٢٨٠) ورد اسم النهر: حدارُّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>