للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنوباً، دعا لنفسه بالملك، واستولى على بعض الحصون، وأيّدته بعض القبائل، وهزم عساكر السلطان أبي يعقوب حينما تصدّى لوقفه. وانتهز فرصة مصرع السلطان ونشوب الحرب الأهلية بين ولديه، فزاد إقداماً وتوغلاً، واستفحل أمره، ولاح الخطر يهدِّد ملك بني مرين.

وما كاد السلطان أبو ثابت ليستقر على عرش أبيه، حتى اعتزم أمره للقضاء على تلك الحركة الخطيرة، واسترداد سبتة، فسار إلى الشمال على رأس جيش ضخم في شهر ذي الحجة سنة (٧٠٧ هـ). ولما شعر عثمان بن أبي العلاء بوفرة قوته وأهبته، بادر بالفرار مع جنده خشية لقائه. وزحف السلطان على الحصون الخارجة عليه، فأثخن فيها واستولى عليها. ثم سار إلى طنجة، وامتنع عثمان بن أبي العلاء بقواته في سبتة، فسار إليها السلطان، وضرب عليها الحصار الصارم، وأمر ببناء بلدة تيطاوين (تطوان) لنزول عسكره، ولكنه مرض أثناء ذلك وتوفى في (صفر سنة ٧٠٨ هـ - حزيران - يوليه - ١٣٠٨ م) (١).

وخلفه على ملك المغرب أخوه السلطان سليمان أبو الربيع، وارتد بالجيش إلى فاس، تاركاً سبتة لمصيرها، فخرج في أثره عثمان بن أبي العلاء في قواته، ونشبت بين الفريقين معركة هُزِم فيها عثمان، وقُتِل من الأندلسيين عدد جمّ، فخشي عثمان العاقبة، وعاد إلى الأندلس مع آله، ولحق بغرناطة، وتابع السلطان أبو الربيع سيره إلى فاس، واستقام له الأمر.

ولم تمض على ذلك أشهر قلائل حتى وقعت بالأندلس حوادث مهمّة، ذلك أن عوامل الانتقاض التي لبثت بضعة أعوام تعمل عملها في ظلّ محمد المخلوع، تمخّضت في النهاية عن نشوب الثورة. وكان مدبِّرها ومثير ضرامها أخوه أبو الجيوش نصر بن محمد الفقيه، ومن ورائه رهط من كبار الدولة، سئموا نظام الطغيان الذي فرضه محمد المخلوع ووزيره ابن الحكيم.


(١) ابن خلدون (٧/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>