للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجريمة، تثير غضب الشعب وسخطه، وكان اللّون الصليبي للحروب الإسبانية في ذلك العصر، يوطِّد نفوذ جماعة من الفرسان الدينية العديدة، وهي التي كانت في الواقع توجِّه مصائر الحرب والسياسة، بيد أنها كانت تخفي تحت ستار الدين رذائل كثيرة من الفجور والجشع والارتشاء وغيرها (١).

وفي سنة (٧٢١ هـ - ١٣٢١ م) جدّد السلطان إسماعيل معاهدة الصلح مع ملك أراغون خايمي الثاني وذلك تحقيقاً لرغبته، ونصّ في هذه المعاهدة الجديدة على: أن يعقد بين الفريقين صلح ثابت لمدة خمسة أعوام تؤمن خلالها أرض المسلمين بالأندلس وأرض أراغون تأميناً تاماً براً وبحراً، وأن تباح التجارة لرعايا كل من الطرفين في أرض الآخر، وأن يتعهد كل من الملكين بمعاداة من يعادي الآخر، وألاّ يأوي له عدوّاً أو يحميه، وأن تكون سفن كل فريق وشواطئه ومراسيه آمنة، وأن يسرِّح كل فريق من يُؤْسَر في البحر من رعايا الفريق الآخر، وتضمنت المعاهدة نصاً خاصاً بتعهد ملك أراغون بألاّ يمنع خروج المدجنين من أراضيه إلى أرض المسلمين بأهلهم وأولادهم وأموالهم، وهو نص يلفت النظر، إذ كان المدجنون في هذا العصر يؤلِّفون أقليات كبيرة في بلنسية ومرسية وشاطبة وغيرها من القواعد الشرقية، وكان ملوك أراغون يحرصون على بقائهم وعدم هجرتهم لأسباب اقتصادية وغيرها (٢).

وعلى أثر معركة إلبيرة، تعاقبت غزوات المسلمين في أرض النصارى، وعادت الدولة الإسلامية الفتية تجوز عهداً من القوة بعد أن لاح أنها شارفت طور الفناء.

ففي سنة (٧٢٤ هـ - ١٣٢٤ م) زحف السلطان إسماعيل على مدينة بيّاسة


(١) أنظر Scott: ibid, v. ١١. p. ٤٧٦-٤٧٨.
(٢) Archivo de la Corona de Aragon, No. ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>