للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انفصلوا من القوط الشرقيين في أوائل القرن الرابع الميلادي، وقد توغلوا في شمالي إسبانيا، ثمّ وسّعوا ممتلكاتهم الإسبانية على حساب الوندال، وأخيراً أصبح تاريخ القوط الغربيين هو تاريخ إسبانيا، واعتنقوا الكاثوليكيّة واندمجوا بالإسبان، وكان آخر ملوكهم لُذَريق الذي هزمه طارق بن زياد (١).

وكان البَشْكُنْس ( Basques) وهم أمّة عظيمة (٢)، سكّان بلاد نافار ( Navarra) التي كانت بَنْبُلُوْنَة ( Pamplona) عاصمة لها. وتقع نافار شرقي مملكة ليون محاذية لجبال البُرْت التي تفصل بين إسبانيا وفرنسة. وهم أمّة مستقلّة بنفسها، وأصل اسم هذه الأمة هو الباسقو نغادوس ( Vascongados) ، ومنه اشتق اسمها الحالي: الباسك ( Les Basques) ، ومنهم من يتكلم الإسبانية أو الفرنسية، ولكن أكثرهم لا يتكلّمون بغير لغة البَشْكُنْس، وهم من أشدّ أمم الأرض استمساكاً بقوميتهم واحتفاظاً بخصوصيّتهم، يزعمون أنّهم أقدم أمّة في أوروبة، ولا نزاع في أنّهم بقايا الشعب الإيبيري القديم، والثمالة الخالصة المحضة التي لم تدخل عليها شائبة من ذلك الشعب الإيبيري القديم. وهم أشداء جبليون، موثقو الخَلْق، تغلب عليهم السُّمرة، إلاّ مَن كان منهم في أعالي الجبال، فَيَغلب عليهم الّلون الأشقر، شمُّ الأنوف، محدّدو الأذقان، شعورهم مائلة إلى السّواد، لهم زي خاص بهم لا يعرفون سواه، بقيت منه حتى اليوم طاقية من الصوف يقال لها البوانا ( Laboina) لا يزالون يلبسونها على رءوسهم. وأما عاداتهم القديمة، فمنهم مَن تركها، ومنهم مَن لا يزال يعضّ عليها بالنواجذ حتى اليوم، فتجدهم يستعملون محاريثهم القديمة، وعجلات تجرّها البقر، وعليها نير مزخرف مغطى بجلد ضان، وعندهم نوع من الرقص في أعيادهم ومواسمهم يسمّونه أوريسكو (٣)، يجرونه على صوت مزمار صغير يسمى: دولسينية (٤)،


(١) الموسوعة العربية الميسرة (١٤٠٧ - ١٤٠٨) وأنظر نفح الطيب (١/ ١٣٧ - ١٤٠).
(٢) جغرافية الأندلس وأوروبا (٧٩).
(٤) أوريسكو: Aurrescu.
(٥) دولسينية: Dulsinya.

<<  <  ج: ص:  >  >>