للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لا) في (لا يُؤمِنُون)؛ لأنَّ إثبات (لا) في القسم سواءً كان الجواب منفياً أو مثبتاً جائز فإن قوله تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) مثبت، وقد جاء بالقسم مؤكداً بـ (لا) في قوله (فَلا أُقسِمُ) فلو كان للتظاهر لما جاءت في المثبت.

قال صاحب التقريب: وفيه نظر؛ إذ يحتمل أن يقال إنه تأكيد النفي في المنفي فقط، بل وجه المنع أنَّ (لا) حينئذ تتمة الجواب فيلزم الفصل بين أجزاء الجواب بالجملة القسمية، فيقال: إن القسم لما اتحد مع الجواب اتحاد المفرد في قوله تعالى (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) حتى اكتفى بالجواب في إيقاعه صلة للموصول اغتفر الفصل به.

قال أبو البقاء: فيه وجهان:

أحدهما: أنَّ الأولى زائدة، وقيل إنَّ الثانية زائدة والقسم معترض بين النفي والمنفي.

وثانيهما: أن (لا) لنفي أمر مقدر أي: فلا يعقلون ثم قال: وربك لا يؤمنون.

في الانتصاف: أراد الزمخشري أنَّها لما زيدت حيث لا يكون القسم نفياً دلت على أنها تزاد لتأكيد القسم فجعلت كذلك في النفي، والظاهر عندي أنَّها هاهنا لتوطئة القسم، والزمخشري لم يذكر مانعاً منه إنما ذكر مجيئها لغير هذا وذلك لا يأبى مجيئها في النفي على الوجه الآخر من التوطئة، على أن دخولها على المثبت فيه نظر، فلم يأت في الكتاب العزيز إلا مع القسم بالفعل (لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) (فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ)، ولم يأت إلا في القسم بغير الله، وله سر يأبى أن يكون هنا لتأكيد القسم وذلك أن المراد بها تعظيم المقسم به فِى الآيات المذكورة فكأنه بدخولها يقول: إعظامي لهذه الأشياء المقسم بها كلا إعظام إذ هي تستوجب فوق ذلك، وإنما يذكر هذا التوهم وقوع عدم تعظيمها فيؤكد بذلك وبفعل القسم ظاهراً، والوهم زائل بالقسم بالله تعالى فلا يحتاج إلى تأكيد فتعين حملها على التوطئة، ولا تكاد تجدها في غير الكتاب العزيز داخلة على قسم مثبت، أما في

<<  <  ج: ص:  >  >>