للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن جاءوكم يريدون الإمساك عن القتال لا لكم ولا عليكم فإن تموا على هذا بأن اعتزلوكم وألقوا إليكم السلم فلا تتعرضوا لهم ألبتَّة، وإذا عطف على الصفة يبقى سبب عدم التعرض واحداً وهو أن يصلوا إلى قوم معاهدين أو إلى قوم كافين فلا يكون قوله (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) مقرراً لقوله (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ) لأنَّ ذلك وصف لقوم آخرين غير من ترتب عليه قوله (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) لأنه مترتب على قوله (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ). اهـ

ولخصه الشيخ سعد الدين فقال: لأنَّ الاستثناء يشعر بأنَّ سبب ترك التعرض لهم أمران: أحدهما: الاتصال بالمعاهدين، والآخر: الاتصال بالكافين عن القتال إن كان العطف على الصفة، ونفس الكف عن القتال إن كان العطف على الصلة، وقوله (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ ... ) إلى آخره يشعر بأنه الكف لأنَّ معناه: إن كفوا عن قتالكم فلا سبيل لكم عليهم، فينبغي أن يحمل الاستثناء على وجه يفيد ذلك أي: اقتلوهم إلا الذين اتصلوا بالمعاهدين أو الذين كفوا عن قتالكم ليكون هذا تقريراً له وذلك في العطف على الصلة، إذ معنى العطف على الصفة: اقتلوهم إلا الذين اتصلوا بالمعاهدين أو الكافين. اهـ

وقال أبو حيان: إنما كان الأول أظهر لأنَّ المستثنى محدث عنه محكوم له بخلاف حكم المستثنى منه وإذا عطف على الصلة كان محدثاً عنه، وإذا عطف على الصفة لم يكن محدثاً عنه إنما تقييداً في (قوم) الذين هم قيد في الصلة المحدث عن صاحبها ومتى دار الأمر بين أن يكون النسبة إسنادية في المعنى وبين أن تكون تقييدية فإن حملها على الإسنادية أولى للاستقبال الحاصل بها دون التقييدية، هذا من جهة الصناعة النحوية، وأما من حيث ما يترتب على كل واحد من العطفين (فإنه يكون تركهم القتال سبباً لترك التعرض لهم؛ وهو سبب قريب على العطف على الصلة، ووصولهم إلى قوم كافين عن القتال هو سبب ترك التعرض لهم؛ وهو سبب بعيد وذلك على العطف على الصفة)

<<  <  ج: ص:  >  >>