للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن يعيش في " شرح المفصل ": الفعل هنا في تأويل المصدر، والمعنى سواء عليهم الإنذار، وعدم الإنذار، والإنذار وما عطف عليه مبتدأ في المعنى، وسواء الخبر، وقد تقدم، وسواء مصدر في معنى اسم الفاعل، والتقدير مستو، ألا ترى أن موضع الفائدة الخبر، والشك إنما وقع في استواء الإنذار وعدمه، لا في نفس الإنذار، ولفظ الاستفهام لا يمنع من ذلك؛ إذ المعنى على اليقين والتحقيق، لا على الاستفهام، وإنما الهمزة هنا مستعارة للتسوية، وليس المراد منها الاستفهام، وإنما جاز استعارتها للتسوية لاشتراكهما في معنى التسوية ألا ترى أنك تقول في الاستفهام: أزيد عندك أم عمرو، وأزيد أفضل أم خالد، والشيآن اللذان يسأل عنهما قد استوى علمك فيهما.

ثم تقول في التسوية: ما أبالي أفعل أم لم يفعل، فأنت غير مستفهم وإن كان اللفظ للاستفهام، وذلك لمشاركته الاستفهام في التسوية؛ لأن ما أبالي أفعل أم لم يفعل، أي هما مستويان عندي في علمي، كما كان في الاستفهام، هذا هو التحقيق من جهة المعنى (١).

وقال أبو حيان: إنما أخبر هنا عن الجملة إن جعلت فاعلاً بسواء، أو مبتدأ وإن لم تكن مصدرة بحرف مصدري حملا على المعنى.

قال: وكلام العرب منه ما طابق اللفظ المعنى، قام زيد، وزيد قائم، وهو أكثر كلام العرب.

ومنه ما غلب فيه حكم اللفظ على المعنى، نحو علمت أقام زيد أم قعد، لا يجوز تقديم الجملة على " علمت " وإن كان ليس ما بعد " علمت " استقهاما، بل الهمزة فيه للتسوية.

ومنه ما غلب فيه المعنى على اللفظ، وذلك نحو الإضافة للجملة الفعلية، نحو:

عَلَى حِيْنَ عَاتَبْتُ المَشييْبَ عَلَى الصِّبَا (٢). . . . . . . . . . . . . . . . ..

إذ قياس الفعل أن لا يضاف إليه، لكن لوحظ المعنى، وهو المصدر، فصحت

<<  <  ج: ص:  >  >>