للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموجع (١).

قوله: (يقال: ألم، فهو أليم) إلى آخره

في بعض الحواشي: هذا فرار مما قاله الأكثرون، أن أليما بمعنى مؤلم، وجعلوه مثل (بديع السموات والأرض) [سورة البقرة ١١٧] أي مبدعهما.

وقول الشاعر (٢):

أَمِنْ رَيحَانَةَ الدَّاعِيْ السَّمِيْعُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

أي المسمع

والزمخشري يقول: إن فعيلا إنما يكون بمعنى فاعل، أو مفعول من الثلاثي، فأمَّا الرباعي فلا يجيء منه فعيل، فلا يقال: فعيل في " أحسن " ولا في " أعطى " فجعل أليما مأخوذا من " ألم " الثلاثي.

ونَظَّرَهُ بقولهم: وجع الرجل، فهو وجيع.

واحتاج إلى مجاز في الإسناد، وهو أن المتوجع والمتألم هو الإنسان، وقد ينسب ذلك إلى المصدر الحالِّ به، فيقال: ضرب وجيع، والوجع إنما هو للمضروب، ويقال: عذاب أليم، والألم إنما هو للمُعَذَّبِ، ونَظَّرَهُ بقولهم: جَدَّ جِدُّهُ، والجد في الأمر هو الاجتهاد، وهو على التحقيق فعل الجادِّ، لا فعل الجِدِّ (٣).

وأما قوله (بديع السموات والأرض) فقد فسره الزمخشري في مكانه بأنه من باب الصفة المشبهة (٤)، بديع السموات كقولك: جميل الوجه، وكريم الأب، وليس المعنى مبدع السموات، بل المعنى بديعة سمواته، كما أن المعنى جميل وجهه، وكريم أبوه.

وأما قوله:

أمن ريحانة الداعي السميع. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

فقد ذكر الزمخشري - فيما علّق عنه، ورأيته بخطه على حاشية " الكشاف " - أن المراد من ريحانة داع من قلبي، سميع لدعاء داعيها، لا بمعنى مسمع منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>