للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواسع الرحمة المثيب العظيم الثواب تحشرون.

ثانيها: تقديمه عن مكانه وإزالته عن مقره لأنه اعترض بين المبتدأ والخبر ثم بَيَّنَ المعطوف والمعطوف عليه، أي: فاستغفروا ولم يصروا، للدلالة على شدة الاهتمام به والتنبيه على أنه كلما وجد الاستغفار لم يتخلف عنه الغفران.

وثالثها: الإتيان بالجمع المحلى بلام التعريف إعلاماً بأن التائب إذا تقدم بالاستغفار يتلقى بغفران ذنوبه كلها فيصير كمن لا ذنب له.

ورابعها: دلالة الحصر بالنفي والإثبات على أن لا مفزع للمذنبين إلا كرمه وفضله، وذلك أنَّ من وسعت رحمته كل شيء لا يشاركه أحد في نشرها كرماً وفضلاً.

وخامسها: إسناد غفران الذنوب إلى نفسه سبحانه وإثباته لذاته المقدس بعد وجود الاستغفار وتنصل عبيده يدل على وجوب ذلك قطعاً إما بحسب الوعد عندنا أو العدل عندهم.

وأما النظر من جهة العبد ففيه وجوه أيضاً:

أحدها: أنَّ في إبداء سعة الرحمة واستعجال المغفرة بشارةً عظيمةً وتطيباً للنفوس.

وثانيها: أنَّ العبد إذا نظر إلى هذه العناية الشديدة والاهتمام العظيم في شأن التوبة يتحرك نشاطه ويهتز عطفه فلا يتقاعد عنها.

وثالثها: أنَّ في ضمن معنى الاستغراق قلع اليأس والقنوط، ولهذا علل سبحانه النهي عن الإقناط في قوله (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) بقوله (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).

ورابعها: أطلقت الذنوب وعممت بعد ذكر الفاحشة وظلم النفس، وترك مقتضى الظاهر ليدل به على عدم المبالاة في الغفران فإنَّ الذنوب وإن جلت فعفوه أعظم.

وخامسها: أنَّ الاسم الجامع في تركيب قوله (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) كما دل على سعة الغفران بحسب المقام يدل أيضاً على أنه تعالى وحده معه مصححات المغفرة

<<  <  ج: ص:  >  >>