للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاشا ائمة أهل البيت عليهم السلام فانهم أنزلوا الصحابة حيث أنزل الصحابة أنفسهم فرأيهم في أبي هريرة لم يعد رأي عليٍّ وعمر وعثمان وعائشة وتبعهم في هذا شيعتهم كافة القدماء منهم والمتأخِّرون من عهد أمير المؤمنين إلى يومنا هذا، ولعل جُلَّ المعتزلة على هذا الرأي. قال الامام ابو جعفر الاسكافي ما هذا نصه: " وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية، (قال) ضربه عمر بالدُرَّةِ، وقال: قد اكثرت من الرواية وأحْرَ بِكَ أنْ تكون كاذباً على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ... » (١).

رَأْيُ أبي رية: أورد أَبُو رِيَّة بعض الأقوال السابقة، وساق بعض استدراكات الصحابة على أبي هريرة، واستشهد بفقرات لجولدتسيهر و (شبرنجر)، وسرد أقوالاً مختصرة لبعض ما دار بين الصحابة وأبي هريرة لِيُكَوِّنَ من ذلك رأيه في أبي هريرة ويجعله أول راوية اتُّهِمَ في الإسلام (٢).

مِمَّا سبق تتبيَّنُ لنا الشُبَهُ التي أوردها بعضهم على موقف الصحابة من أبي هريرة، وقد ساقوا تلك الشُبه من غير أنْ يُبَيِّنُوا لنا أسبابها، وإنْ بَيَّنَ بعضهم ذلك فإنما يحمل الحادثة على غير محملها.

لذلك سأُبَيِّنُ موقف الصحابة من أبي هريرة وحديثه، وقد اضطر إلى ذكر بعض الأحاديث والأخبار التي دارت بينهم، أو اختلفوا من أجلها، لأكشف عن حقيقة أمرهم من راوية الإسلام، ولا بد لي أنْ أشير إلى أنَّ الصحابة لم يقفوا من أبي هريرة موقفاً خاصاً كما أنهم لم ينظروا إليه من زاوية معيَّنة، أو بمنظار الشك والريبة. ولن أطيل بأكثر مِمَّا يُحدِّدُهُ المقام ويقتضيه البحث.

[[أ] أبو هريرة وعمر بن الخطاب:]

لم يثبت قط أنَّ عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ضرب أبا هريرة بدُرَّته لأنه أكثر الحديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما ما ذكره أَبُو رِيَّة


(١) " أبو هريرة ": ص ٢٦٧ - ٢٦٨. وقد بيَّنتُ في بحث «عدالة الصحابة» أدلة عدالتهم والآراء في هذا فلتراجع الصفحة ٣٠ وما بعدها.
(٢) " أضواء على السُنَّة المحمدية ": ص ١٦٦ - ١٧٢.

<<  <   >  >>