للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ بَطْنَهُ (١) ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يصادف شيء من ذلك إجابة. فسأل ربه سبحانه وتعالى، ورغَّب إليه أنْ يجعل ذلك رحمة وكفَّارة وطهوراً وأجراً وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاحشاً ولا متفحشاً ولا لعَّاناً (٢). وإلى جانب هذا، فإنَّ حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا يطمئن بأنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يقصد بما يجري على لسانه مِمَّا اعتاده العرب في كلامهم أذى ولا شتماً، وإنما يرجوه أنْ يكون رحمة وأجراً.

هذه إحدى الصور التي يُعَلِّلُ بها سبب وضع أبي هريرة لحديث رُوِيَ في " الصحيحين "، وهو الذي ادَّعَى في كتابه أكثر من مَرَّّةٍ (التجرُّد العلمي والذوق الفني)، يكذِّبُ الصحابة، ويُفَسِّقُ بعض المسلمين، بل يُكَفِّرُهُمْ من غير دليل ولا برهان، فأي تجرُّد هذا؟ وأي تحقيق وبحث نزيه في مثل هذا!!؟

ثم يقول المؤلف: «وقد كان صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في منامه كأنَّ بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبره كما تنزو القردة، فيردون الناس على أعقابهم القهقرى، فما رؤي بعدها مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي، وقد أنزل الله تعالى عليه قرآناً يتلوه آناء الليل وأطراف النهار:»

{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} (٣).

قال في الهامش هي الآية [٦] من الإسراء. [ص ١٢٤].

وعزا حديث (المنام) إلى الحاكم الذي صحَّحه على شرط الشيخين، إلاَّ أنَّ الحاكم متساهل في تصحيحه، ولو سلمنا صحة (المنام) فما هي علاقته


(١) انظر تفصيل هذه الأخبار ومناسباتها في " صحيح مسلم بشرح النووي ": ص ١٥٤ - ١٥٥، جـ ١٦.
(٢) " صحيح مسلم بشرح النووي ": ص ١٥٢، جـ ١٦.
(٣) [الإسراء: ٦٠، بلفظ: {طُغْيَانًا كَبِيرًا}.

<<  <   >  >>