للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل النار (انظر صفحة ٣١٠ و ٣١٥ من كتابه)، ويفسِّرُ بعض الأخابر بما تمليه عليه عواطفه، وقد أشرت إلى هذا فيما سبق، كما أنه حَمَّلَ أبا هريرة وِزْرَ الوَضَّاعِينَ الذين استغلُّوا كثرة حديثه، ووضعوا بعض الأخبار على لسانه، وكل ذلك بَيَّنَهُ رجال النقد.

وإني أدعو العلماء المُنصفين إلى استقراء مرويات أبي هريرة - أجمع ما لدينا " مسند الإمام أحمد " - فإنهم لن يجدوا له حديثاً يخالف فيه الأصول العامة للشريعة أو يتفرَّد بحديث شاذ ينكر عليه، وما من حديث استشهد به الكاتب إلاَّ عرف المحدِّثون والنُقَّادُ فيمته، وما من شُبهة أوردها على أبي هريرة أو على مروياته إلاَّ رَدَّهَا الحُفَّاظُ، وأزالوا أشكالها وبَيَّنُوا حقيقتها، حتى أسفر وجه الحق، ونجا أبو هريرة من تلك الأعاصير المصطنعة التي عصفت حوله، ومن تلك الأمواج الغدَّارة التي تلاطمت على قدميه. فبقي صامداً أبد الدهر يحترمه الجمهور، ويعرفون مكانته ومنزلته، وارتدَّت تلك الهجمات الضالة على أعقابها خامدة مكتومة الأنفاس تَجُرُّ وراءها ذيول الخزي والانكسار، ولم تزل بعض بقايا هؤلاء تحمل لواء مهاجمة أبي هريرة واتِّهامه، إلاَّ أنهم قِلَّةٌ لا يذكرون، ولن يستطيعوا أنْ يخدشوا من عدالة أبي هريرة، أكثر مِمَّا يخدش طفل صغير في جبل شامخ بظفره.

ولا بُدَّ لي من أنْ أشير هنا إلى ما كتبه مؤلف كتاب " أضواء على السُنَّة المحمدية " حول أبي هريرة زيادة على ما جاء في كتاب عبد الحُسين شرف الدين.

لقد ذكر الكاتب أكثر ما كتبه صاحب كتاب " أبو هريرة " إذ كان من مراجعه الأساسية، وقد أثنى عليه في كتابه في أكثر من موضع (١)، ودعم آراءه وأقواله بما جاء في " دائرة المعارف الإسلامية " (٢) عن (شبرنجر) و (جولدتسيهر)، وكان أكثر طعناً في أبي هريرة من أستاذه، وأسلط لساناً، وأشدَّ منه في استهزائه وازدرائه إياه. فلم ير صحبته للرسول - صَلََّى اللهُ


(١) انظر هامش الصفحة ١٥٧ من كتابه.
(٢) انظر صفحة ١٧١ - ١٧٢ من كتابه " أضواء على السُنَّة المحمدية ".

<<  <   >  >>