للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حبان: «فيه غفلة، ورداءة حفظ، فكان يرفع المراسيل وهو لا يعلم ويسند الموقوف من حيث لا يفهم، فبطل الاحتجاج به» (١).

وأمثال هذه الرواية كثير في كتابه سأتعرض لبعضها بعد قليل.

...

هل كان أبو هريرة تلميذاً لكعب الأحبار؟: (٢).

وكما اتَّهمه عبد الحُسين (٣) بالأخذ عن كعب الأحبار اتَّهمه أيضاً أبو رية بذلك، وهَوَّلَ هذا الزعم، وصوَّرهُ مؤامرة دبَّرها كعب الأحبار لِبَثِّ الإسرائيليات في الدين الإسلامي، وجعل أبا هريرة مطيَّة له من أجل ذلك، ويرى أيو ريَّة أنَّ كعباً «قد سلَّط قوة دهائه على سذاجة أبي هريرة لكي يستحوذ عليه ويُنيِّمَهُ ليلقِّنه كل ما يريد أنْ يبثَّهُ في الدين الإسلامي من خرافات وأوهام، وكان له في ذلك أساليب غريبة وطرق عجيبة» [ص ١٧٢].

ويرى أبو ريَّة أنَّ كعباً كن يثني على أبي هريرة وعلى معرفته لما في " التوراة "، ليثق الناس به ويأخذوا عنه حديثه الذي يلقِّنَهُ إياه كعب. هكذا يتصوَّرُ أبو ريَّة، ويرى أبا هريرة ألعوبة في يد كعب يأخذ عنه ويدَّعِي أنه سمع من الرسول!!! ما كان لكعب ولا لغير كعب أن يشتري ضمير أبي هريرة الذي عرفناه في أمانته وصدقه وإخلاصه. وحاول أنْ يستشهد ببعض الأحاديث ليدعم زعمه إلاَّ أنه لم يوفَّق في واحد منها (٤).


(١) المرجع السابق: ص ٢٦٤، جـ ٨. و " ميزان الاعتدال ": ص ٣٢٧، جـ ٢، ترجمة ٢٦١٤.
(٢) انظر " أضواء على السُنَّة المحمدية ": ص ١٢٥. فقد ذكر المؤلف رواية أبي هريرة وعبد الله بن عمرو حديث «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ... ». ثم قال: «وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو من تلاميذ كعب الأحبار».
(٣) " أبو هريرة ": ص ٥٧.
(٤) فقد رَدَّ عليه كل ما ادَّعاه الأستاذ عبد الرحمن المعلَّمي اليماني في كتابه " الأنوار الكاشفة "، ومدير دار الحديث بمكة الأستاذ محمد عبد الرزاق حمزة في كتابه " ظلمات أبي رِيَّة "، وفضيلة الأستاذ محمد محمد السماحي أستاذ علوم الحديث في كلية أصول الدين في كتابه " المنهج الحديث ". ثم نشر رَدَّهُ في كتاب سَمَّاهُ " أبو هريرة في الميزان ". وهذه الردود تفصيلية. وكان الدكتور مصطفى السباعي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه في جامعة دمشق يطبع كتابه " السُنَّة " فتعرَّض للرد على أبي رِيَّةَ (ص ٣٠٥ - ٣٦٤) رَدَّا قوياً، إلاَّ أنَّ سوء أحواله الصحية ومرضه حال بينه وبين الرَدِّ التفصيلي عليه.

<<  <   >  >>