للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعارنا مبرور، ففعل، فشعار الأزد كلها إلى اليوم مبرور» (١).

هكذا أسلم أبو هريرة قديماً وهو بأرض قومه، على الطفيل بن عمرو، وكان ذلك قبل الهجرة النبوية، وأما هجرته من اليمن إلى المدينة فقد كانت في ليالي فتح خيبر، ورواية أبي هريرة لهجرته توكِّدُ لنا قدم إسلامه.

قال أبو هريرة: خرج النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى خيبر وقدمت المدينة مهاجراً، فصليت الصبح خلف سباع بن عرفطة - وكان استخلفه - فقرأ في السجدة الأولى بسورة «مريم»، وفي الآخرة «ويل للمطففين» (٢) فقلت في نفسي: «ويل لأبي فلان - لرجل كان بأرض الأزد - وكان له مكيالان، مكيال يكيل به لنفسه ومكيال يبخص به الناس» (٣). وفي رواية: «ويل لأبي! قل رجل كان بأرض الأزد، إلاَّ وكان له مكيالان. مكيال لنفسه، وآخر يبخس به الناس» (٤).

وقد ثبت في " صحيح البخاري " أنه ضلَّ غلام له في الليلة التي اجتمع في صبيحتها برسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه جعل ينشد:

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ

فلما قدم على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلع غلامه، فقال له - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «هَذَا غُلاَمُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ»!! فقال: «هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ» (٥).

وقد لازم النبيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى آخر حياته، وقصر نفسه على خدمته، وتلقَّى العلم الشريف منه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان يدور


(١) انظر " طبقات ابن سعد ": ص ١٧٦، قسم ١، جـ ٤. و " الإصابة ": ص ٢٨٧، جـ ٣. ترجمة «الطفيل بن عمرو الدوسي». و " جمهرة أنساب العرب ": ص ٣٦١. وانظر " السيرة " لابن كثير: ص ٧٢، جـ ٢ وما بعدها. و " السيرة لابن هشام: ص ٤٠٩ - ٤١٠، جـ ١.
(٢) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٢٥ - ٤٢٦، جـ ٢.
(٣) " البداية والنهاية ": ص ١٠٤، جـ ٨.
(٤) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٢٦، جـ ٢.
(٥) انظر " صحيح البخاري بحاشية السندي ": ص ٨١، جـ ٢، كتاب العتق، باب: (إذا قال رجل لعبده هو لله ونوى العتق، والإشهاد في العتق). وانظر " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٦، جـ ٢. و" البداية والنهاية ": ص ١٠٤، جـ ٨.

<<  <   >  >>