للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاجاتها الأولى المداعبة والمزاح - يتيح لهم ذلك، بل يداعبهم ليضحكهم، ويدخل السرور إلى نفوسهم، يوم لم يعرف التاريخ الطرق التربوية المعاصرة، وقبل أنْ يخلق رواد التربية الحديثة بعشرة قرون، وقبل أنْ تجمع مجلدات التربية نظريات (موننوسوري) و (جون ديوي) وغيرهما ...

فقد يرى الصبية يعلبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلَّلُ بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه (الأرض) كأنه مجنون، يريد بذلك أنْ يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرُّون هَهُنَا وهَهُنَا، يتضاحكون (١).

كان يحب مداعبة أصحابه، بلطف وأدب، دعابة تقبلها النفوس الطيبة وترى فيها ما يجدد النشاط، وما يدخل عليها السرور والحبور، فهو في ذلك يروِّح عن نفسه وعن غيره، من غير أنْ يمس شعور الآخرين بما يسيء إليهم.

من ذلك ما يرويه لنا ابو رافع فيقول: وربما دعاني أبو هريرة إلى عشائه بالليل، فيقول: «دَعِ الْعُرَاقَ لِلأَمِيرِ»، فَأَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ ثَرِيدٌ بِالزَيْتٍ (٢)!!.

...

قبسٌ من أخلاقه:

كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَيَكُونُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأُمُّهُ فِي بَيْتٍ وَهُوَ فِي آخَرَ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ وَقَفَ عَلَى بَابِهَا فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكِ


(١) " طبقات ابن سعد ": ٤: ٢/ ٦٠، ٦١. و " البداية والنهاية ": ص ١١٣، جـ ٨. و " قبول الأخبار ": ص ٥٩، ٦٠. و " تاريخ الإسلام ": ص ٢٣٨، جـ ٢.
(٢) انظر " البداية والنهاية ": ص ١١٤، جـ ٨. و " طبقات ابن سعد ": ٤: ٤/ ٦١. و " تاريخ الإسلام ": ص ٣٨، جـ ٢. والعُرَاقُ: العظم الذي نزع عنه اللحم وبقي عليه قليل منه.

<<  <   >  >>