تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سبيل العزّة بنصائح الشعوب والحكّام والعلماء بسبب ما حدث في غزّة

ـ[أبو رزان]ــــــــ[24 - Jan-2009, مساء 02:25]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

(سبيل العزّة بنصائح الشعوب والحكّام والعلماء بسبب ما حدث في غزّة)

تنبيه: لقد شرعتُ في كتابة هذه النصائح قبل إيقاف الحرب في غزّة، ولم يتيسّر لي إتمامها والنظر في تصحيحها ومراجعتها إلا بين حين وآخر، فلما انتهيت من ذلك فرَّج الله بإيقاف الحرب، فأسأل الله عز وجل أن يديم على غزة وبلاد المسلمين الأمان والرخاء، وأن يدفع عنها شرَّ كل ذي شر هو آخذ بناصيته، وقد تردَّدتُ كثيرًا خلال عدّة أيام في نشر ذلك؛ لانصراف همم كثير من طلاب العلم وغيرهم إلى أمور أخرى مستجدّة، ثم رأيت نشرها لعل الله ينفع ولو بكلمة من هذه النصائح، وما ذلك على الله بعزيز، فأسأل الله أن يصلح نيتي وعملي وأهلي وذريتي.

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:

فلا يخفى على بَرٍّ أو فاجر هَوْلُ هذا الحدَث في نفسه، وتداعياتُه وآثارهُ المتوقعةُ على المنطقة العربية على وجه الخصوص مستقبلاً، فلا بد من وقفات صادقة ـ يُراد بها المخرج لا المأزق ـ مع الحكام، والعلماء، وأهل الحل والعقد، وغيرهم، ولا يجوز استغلال بعض الطوائف هذا الحدَث وغيره لتوسيع رقعة الفتن، وزيادة الضحايا في كل قُطر، فإن ذلك مخالف لمقاصد الشريعة وكلّيّاتها، والله عز وجل يقول: [وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ] {الأنفال:25} وهذا المسلك هو واجب العقلاء جميعًا، وإلا غرقت السفينة، ولا دينًا أقمنا ولا دنيا أبقينا، وصدق من قال:

أرى خَلَلَ الرمادِ وميضَ نارٍ ... خليقٌ أن يكون له ضِرامُ

فإن النار بالزَّنْدَيْن تُورَى ... وإن الفعلَ يسبقه الكلامُ

فإن لم يُطْفِها عقلاءُ قومٍ ... يكون وقودَها جثثًُ وهامُ

إن المقام ليس مقام كَيْل التُّهَم والرْمي بالخيانة والعمالة ـ في وسائل الإعلام والشوارع ـ لحاكم أو لنظام؛ فإن ذلك لا يفيد القضية شيئًا، بل يضر، ولكن المقام مقامُ تذكيرٍ للجميع حكامًا ومحكومين بواجبهم تجاه هذه الأحداث الدامية في غزّة، ولفتِ نظرهم إلى أبعاد وأهداف المشروع الصهيوني الصليببي الصفوي في المنطقة، وتجييش العواطف الدينية ـ أو على الأقل الإنسانية ـ تجاه أي طائفة مسلمة تصيبها هذه النكبات، والتحذير من مغبة خذلانها أو الرضا بما يحدث لها ـ تحت أي تأويل ـ فإن ما أمسى عند جارك أصبح في دارك، ولنحذر من عاقبة سياسة: أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأسود، مع التنبيه على أن التاريخ مُنْصِفٌ، ولا يظلم أحدًا ولا يُحابيه، وسينتهي كل شيء حولنا، والعز والذل لا يدومان، و"حقٌّ على الله عز وجل ما رَفَعَ شيئًا في هذه الدنيا إلا وَضَعَه" والتاريخ لا يُسجل كلام المتحاملين ولا المتزلفين، إنما يحمل بين دفَّتَيْه المواقف بما لها وما عليها، فمن الذي يرضى أن يلعنه تاريخ أمته وأجيالها اللاحقة؟ ومن ذا الذي يختار لنفسه حال الأسف والندم والخزي بين يدي ربه عز وجل [يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)]. {الشعراء} إن الأمر حقًا يحتاج إلى صِدْقٍ مع الله تعالى وصِدْقٍ مع الأمة، وصدق أمام التاريخ والأجيال اللاحقة، وإلا فما هي إلا سنوات قلائل ويخلفنا آخرون، وتدوم بعد ذلك الحسرات والآهات، لكن ماذا تغني الندامة من رجل قذفت به الأحداث إلى أسفل السافلين؟!!

إن جراح الأمة كثيرة، وتنزف في كل مكان، ولم يرقأ لها دم، ولم يغمض لها جفن، ولم يطمئن لها فؤاد، فلا ترى على شاشات التلفاز إلا نساء المسلمين يبكين ويصرخن على أولادهن، أو أطفال المسلمين اليتامى يبكون فَقْد من يعولهم، أو هُدِم بيتُهُم ومأواهم، ولا ترى مكان عبادة مهدومًا على من فيه إلا مساجد المسلمين:

أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد ... تجده كالطير مقصوصًا جناحاه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير