[كيف يواجه الداعي إلى الله أذى السفهاء؟]
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[28 - Mar-2009, مساء 06:03]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
* قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " [رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني].
وكل من خالط الناس لا بد أن يلحقه أذى ويزداد الأذى عليه إن كان يدعو إلى الله بعلم وبصيرة فإنه لا محالة سيجد من يقابل دعوته بالقدح والسب والأذى جهلا أو حسدا وظلما وعدوانا وقد نبه الله سبحانه إلى اقتران حصول الأذى بالدعوة إلى الحق بقوله: "وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك" [لقمان:17].
قال ابن سعدي- رحمه الله- في تفسيره هذه الآية الكريمة - (ج 1 / ص 648):" ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك فقال: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} "انتهى كلامه.
• إن جرح اللسان شديد على النفس فقد قال الشاعر:
جراحات السنان لها التئمام ولا يلتئم ما جرح اللسان
وإن السفهاء وأهل الجهل يستفزون أهل الخير والعلم والعقل بأساليب غريبة حتى إنهم يسبونهم ثم ينسبون سوء الأدب لهم أي لمن سبوه وحسن الخلق لأنفسهم فهم يفعلون الجهل وينبزون غيرهم به وينسلون منه كما قال تعالى: " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا" [النساء:112].
فعلى المسلم الداعي إلى الله بعلم وبصيرة وأدب وخلق أن يصبر نفسه مهما كان جهل السفيه بليغا ومؤذيا وظالما.
* ثم الأفضل من حيث الأصل هو العفو عن السفيه وعدم مقابلته بمثل قوله بل يقال له الكلام اللين الذي يشتمل على الخير ودفع إساءته بالتي هي أحسن كمخاطبته بالسلام بمعنى المتاركة والمسالمة لا التحية أو نحو ذلك من الكلام الحسن الذي فيه السلامة من الإثم والأذية والسلامة من مقابلة السفيه بمثل قوله من الجهل والسفه والفحش.
قال تعالى: " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذاخاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " [الفرقان:63]
وعَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ». قَالَتْ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ» متفق عليه. والسام هو الموت.
وعن أبي هريرة: "أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه و سلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل ألا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عز وجل بها قلة " رواه أحمد وصححه الألباني.
* وقال سبحانه:"وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا و لكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" [القصص:55].
جاء في "التفسير الميسر" - (ج 7 / ص 89):
"وإذا سمع هؤلاء القوم الباطل من القول لم يُصْغوا إليه، وقالوا: لنا أعمالنا لا نحيد عنها، ولكم أعمالكم ووزرها عليكم، فنحن لا نشغل أنفسنا بالرد عليكم، ولا تسمعون منَّا إلا الخير، ولا نخاطبكم بمقتضى جهلكم; لأننا لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها. وهذا من خير ما يقوله الدعاة إلى الله"انتهى.
فإذا جهل عليك السفيه وآذاك بغير حق فأعرض عن قوله ولا تقابله بمثله ولا تحاول الانتقام منه ولا تلتفت إلى إساءته ولا تنشغل بها واحرص على ترك مجادلته ومواصلة الحديث معه تنزها وتكرما عن الخوض فيما لا فائدة فيه بل قد يوصل إلى الشر والضرر.وحاول مقابلة إساءته بالإحسان.
¥