[موقف أهل السنة من أصحاب الخلاف غير السائغ ...]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - Apr-2009, مساء 08:42]ـ
منهج السلف وأهل السنة في التعامل مع أصحاب الخلاف غير السائغ
الحمد لله وحده ..
أما بعد ..
فلابد من جواب بعض الأسئلة قبل الدخول في تلك الأصول ..
السؤال الأول: ما هو ضابط الخلاف غير السائغ (؟؟)
يكون الخلاف غير سائغ إذا توفرت فيه هذه الشرط:
أولاً: أن يصدر الخلاف من غير عالم توفرت فيه آلية الاجتهاد في الجملة.
ثانياً: أن يكون القول مخالفاً للإجماع الصحيح واضح القطعية،.
ثالثاً: أن يكون القول مخالفا لدليل واضح القطعية في الدلالة أو إجماع ظني ليس عند المخالف ما يدفعه من خلاف معتبر أو دليل مقاوم. (ولا يشترط في الحديث أن يكون قطعي الثبوت بل يكفي مجرد التسليم بصحته في الجملة)
رابعاً: أن يكون القول مبنياً على أصل غير معتبر ثبت عدم اعتباره بالدليل القاطع واضح القطعية.
فمتى صدر القول ممن له حق الاجتهاد وبناه على أصل معتبر ولم يُخالف به دليلاً ثابتاً واضح القطعية في دلالته = كان قولاً سائغاً معتبراً وإلا كان غير سائغ.
السؤال الثاني: كيف يكون خلاف مخالف القطعيات السابقة = خلافاً غير سائغ فقط (؟؟)
قلت: هذا باب خلط فيه كثير من الناس حتى أوقعهم ذلك في تكفير مخالف القطعيات ضربة لازب ..
وهذا باطل محض ولا يَكفر إلا من أنكر القطعي الواضح المعلوم من الدين بالضرورة ..
أما مطلق القطعيات فهي مما يتفاوت في ضبطه والحكم عليه =الناس ...
ولا يكفر منكر القطعي إلا إذا لم يكن عنده حجة يدفع بها ذلك القطعي ... أي: لا يكفر إلا إذا سلم بقطعيتها ثم أنكرها ..
أما من خالف القطعي فلا تخلو هذه القطعية من أن تكون ظاهرة أو غير ظاهرة ..
فغير الظاهرة أي التي هي ارتفاع درجة اطمئنان صاحب القول لقوله ولدليله فهذه لا تجعل خلاف مخالفه غير سائغ ..
أما القطعية الواضحة فهي التي تجعل الخلاف غير سائغ ..
وضبط هاتين الرتبتين من موارد الاجتهاد وفيه الطرفان والوسط ..
ولذا عبرنا في الكلام بوصف القطعية بالوضوح وإلا فالباحث قد ينظر في الدليل فيراه قطعياً ولا تكون هذه القطعية بمنزلة القطعية الواضحة لكل أحد.
قال شيخ الإسلام رداً على من نفى الوصول للقطعية بالاجتهاد: ((تضمن هذا الكلام أن ما علم بالاجتهاد لا يكون قطعياً قط، وليس الأمر كذلك، فرب دليل خفي قطعي)).
قال الجويني: ((ثم القواطع: منها الجلي ومنها خفي ... )).
ولذا لا يأثم مخالف القطعي لمجرد مخالفته له .. قال شيخ الإسلام: ((وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وُجُوبًا ظَاهِرًا، مِثْلُ حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِضَ مِنْ جِنْسِهِ فَيَسُوغُ لَهُ - إذَا عَدِمَ ذَلِكَ فِيهَا - الِاجْتِهَادُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَارِبَةِ.أَوْ لِخَفَاءِ الْأَدِلَّةِ فِيهَا.وَلَيْسَ فِي ذِكْرِ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ قَطْعِيَّةً طَعْنٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ)).
ثم نبدأ الكلام عن هذه الأصول بحول الله وقوته ..
الأصل الأول: أن الخلاف غير السائغ هو من المحرمات،يجب اجتنابه، وعدم تقليد صاحبه.ولا يُفتى به.
أما كونه حراماً فقد قال الشافعي: ((الاختلاف من وجهين: أحدهما محرم،ولا أقول ذلك في الآخر)).
وأما وجوب اجتنابه فقد قال الأوزاعي: ((نجتنب أو نترك من قول أهل العراق خمسا ومن قول أهل الحجاز خمسا من قول أهل العراق شرب المسكر والأكل في الفجر في رمضان ولا جمعة إلا في سبعة أمصار وتأخير صلاة العصر حتى يكون ظل كل شيء أربعة أمثاله والفرار يوم الزحف ومن قول أهل الحجاز استماع الملاهي والجمع بين الصلاتين من غير عذر والمتعة بالنساء والدرهم بالدرهمين والدينار بالدينارين يدا بيد وإتيان النساء في أدبارهن)).
وقال ابن مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك وغيرهم: ((ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه و سلم وقال سليمان التيمي إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله قال ابن عبد البر هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا)).
¥