الضَّوابطُ المُثلَى في كيفيِّةِ التعامُلِ مع الدعاةِ والعلماءِ
ـ[حفيد صلاح الدين]ــــــــ[11 - Apr-2009, مساء 01:14]ـ
منقول من احد المشائخ الكرام حفظه الله:
الضَّوابطُ المُثلَى في كيفيِّةِ التعامُلِ مع الدعاةِ والعلماءِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد كثر الحديث والسؤال عن حقوق الدعاة والعلماء .. وما يجب لهم وما يجب عليهم .. وعن اللحوم المسمومة وغير المسمومة!
وكثير من الناس ـ كعادتهم ـ فريقان: فريق يجنح إلى الإفراط والغلو في الطاعة والولاء والتقديس .. وعلى حساب الحق .. فلا يقبل أن يُقال في شيخه .. أو الداعية الذي يهواه .. نقداً .. ولا نصحاً .. ولا توجيهاً .. ولا أن يُقال عنه أخطأ والصواب كذا .. فشيخه ـ في نظره ـ فوق النص .. وفوق المساءلة والمحاسبة أو أن يُقال له أخطأت!
وهو ما إن يسمع أي نقدٍ أو توجيه أو نصح ـ وإن كان حقاً ـ يقال عن شيخه أو لشيخه الذي يهواه .. إلا وتراه يرتجف .. ويزبد .. ويصيح .. وتنتفخ أوداجه .. ويفجر في الخلاف والخصام .. ويكلمك عن ضرورة احترام العلماء .. وعن اللحوم المسمومة .. !
وهو في تعصبه لشيخه الذي يهواه .. لا يتورع عن الطعن والتجريح في الشيوخ الآخرين الذين لا يهواهم .. إذا دعت ضرورة الدفاع عن شيخه المحبوب إلى ذلك!
وأذكر في ذلك رجلاً كتب إلي زاعماً مناصحتي فيما كتبته ـ ناصحاً ومشفقاً ـ عن أحد الدعاة وأسلوبه الدعوي .. مستهجناً علي جرأتي وقلة أدبي في توجيه النصح لذلك الداعية .. فأين أنا منه .. ومن أكون أنا حتى أنصحه .. وهو في نصيحته الغضبية ـ المزعومة ـ هذه لي لم يفته الإكثار من السب، والطعن، والتهكم، والتحقير بي .. علماً أنني أكبر سناً من ذاك الداعية الذي يغضب لأجله، ويدافع عنه .. ولا أود أن أزيد!
فقلت: يا سبحان الله .. ينهى عن خلق ـ بزعمه ـ ويأتي أسوأ ما فيه .. !
يُطالبني بالأدب والتأدب .. والحوار الراقي والمتحضر .. مع الآخرين .. وهو في نصيحته المزعومة هذه .. يكثر من السب والطعن، والتجريح بي .. ؟!
ما الذي حمله على هذا الغضب الشديد .. وهذه الأخلاق .. أهو حقاً الغضب لله ومن أجل حرمات الله .. أم أنه الغضب والعصبية العمياء لمحبوبه الذي يهواه .. ويهوى فيه .. والذي لا يطيق أن يسمع فيه كلمة واحدة لا تروق لمزاجه!
أهو فعلاً الحرص على ضرورة التأدب مع العلماء والدعاة .. أم أنه التعصب الأعمى للرجال في الحق والباطل سواء .. وعلى حساب الحق المسطور في الكتاب والسنة؟!
هذا الرجل مَثَلٌ ونموذج عن الفريق الذي يمثل الغلو والإفراط في الطاعة والولاء لذوات الدعاة .. وما أكثر الأمثال والنماذج ـ في أمتنا ـ التي تماثل وتُطابق هذا المثل والنموذج في أخلاقه وعصبيته وإفراطه!
أما الفريق الآخر الذي يجنح للتفريط .. يتمثل في شريحة من الناس لا تقيم للعلماء العاملين وزناً ولا قيمة ولا احتراماً .. فأحدهم لأدنى خلاف .. أو لأي اجتهاد معتبر يصدر عن ذاك العالم أو الداعية لا يفهمه أو قد لا يروق له .. تراه لا يتورع عن الطعن والتشهير والاستخفاف به .. وبعلمه .. ويعلن البراء منه .. والحرب عليه!
وهذا أيضاً منهج باطل وخاطئ .. وهو خلق يبرأ منه الإسلام!
والحق وسط بين الفريقين والمنهجين .. لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .. ومن غير جنوح إلى إفراطٍ ولا تفريط .. نجتهد في أن نُظهر هذا المنهج الوسطي الحق الذي يحدد صفة وكيفية التعامل مع الدعاة والعلماء .. ويبين ما لهم وما عليهم .. من خلال ذكر الضوابط التالية .. راجياً من الله تعالى السداد والتوفيق.
الضابط الأول: يجب أن يعلم الجميع أن للعلماء العاملين الصادعين بالحق مكانتهم الرفيعة، وحقوقهم المحفوظة في الإسلام.
فهم أولي الأمر .. وهم القادة .. وهم الأمناء على دين الله في الأرض .. وهم الطليعة النخبة الذين يتقدمون الأمة في ميادين الجهاد والصدع بالحق .. ونحو كل خير .. وهم الطائفة المنصورة الظاهرة بالحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم .. لذا فلهم من الأمة التوقير، والاحترام، والإكرام، والإجلال.
قال تعالى:? وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ?فصلت:33.
¥