تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حرب إسقاط (الرموز) للعلامة أبي إسحاق الحويني - حفظه الله - (مهم)]

ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[17 - May-2009, مساء 01:38]ـ

قال الشيخ أبو إسحاق الحويني في مقدمة كتابه الماتع تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر فى كتب الأماجد - (1/ 20):

اعلم - أيها المسترشد - أنني قدَّمت هذا الكلام لأبيِّن الدافع إلى تصنيفي كتاب (الثمر الداني في الذب عن الألباني)، وهو ذبٌّ على وجه الإنصاف،وحمية محمودة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية،

فإن حرب " إسقاط الرموز " قائمة على قدم وساق، وهى حرب خسيسة خبيثة، يستخدم فيها أصحابها ما لا يخطر علي بالك من الكذب، والنفاق، وسوء الأخلاق.

و حرب " إسقاط الرموز " حرب قديمة وما حديث الإفك منك ببعيد. ولم يمر بالمسلمين محنة قط هي أعظم و أشد عليهم من حادث الإفك. ودعني أبين لك الأمر.

فقد أخرج البخاري في (كتاب النكاح) (9/ 278 - 279)، ومسلم في (الطلاق) (1479/ 34) من طريق الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عبيد الله بْنُ عبد الله بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ: " لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فيهما: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)، فقال عمر في هذا الحديث: " قَالَ كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. . . ثم قال عمر: " وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَ غَسَّانُ قَالَ لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ ... "

إلى أن قال عمر: " فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ. . . الحديث ".

قُلْتُ: فأنت تري في هذا الحديث أن من الصحابة من كان يعتقد أن استيلاء غسَّان على المدينة أهون من تطليق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه مع أن الطلاق مباح، بل جلس بعضهم يبكى حول المنبر لتكدُّر خاطره صلى الله عليه وسلم مع أنه لو طلقت بنت أحدهم لما بكى، فإذا كان الأمر كذلك، فكيف إذا اتهمت زوجة نبيهم صلى الله عليه وسلم بالزنى؟!

وهذا يدلك على ما كان الصحابة عليه من مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغاية القصوى.

فإذا نظرتَ إلى ما حدث في الإفك من رَمْى العفيفة المؤمنة أمِّ المؤمنين، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثر نسائه عنده بهذه الداهية الدهياء، والفاقرة العظيمة، علمت ما حلَّ بالمجتمع المسلم كلِّه من البلاء العظيم والخطب الفادح، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كرُب له، وطفق يستشير خاصته في أمر عائشة بعد أن استلبث الوحي فسأل أسامة بن زيد فأشار على النبي صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة عائشة وقال: يا رسول الله! أهلُك، وما نعلمُ إلا خيراً، وأما على بن أبى طالب فقال: يا رسول الله! لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: أي بريرةُ! هل رأيت من شيء يريبُك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمراً

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير