[الفرق بين الحاجة و الضرورة]
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[17 - Jul-2009, مساء 07:51]ـ
الضرورة لغة فهي من الضر خلاف النفع، قال الأزهري: كل ما كان سوء حال وفقر وشدة في بدن فهو ضر بالضم، وما كان ضد النفع فهو بفتحها.
وعرفها الجرجاني بأنها النازل مما لا مدفع له.
وهي عند الأصوليين: الأمور التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا وهي حفظ الدين والعقل والنفس والنسل والمال. بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين.
الحاجة لغة تطلق على الافتقار، وعلى ما يفتقر إليه.
واصطلاحا هي - كما عرفها الشاطبي - ما يفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المصلحة، فإذا لم تراع دخل على المكلفين -على الجملة- الحرج والمشقة.
قال الشاطبي رحمه الله: " الحاجيات ومعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقةلفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين - على الجملة - الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد المتوقع في المصالح العامة ".
والفرق بين الحاجة والضرورة، أن الحاجة وإن كانت حالة جهد ومشقة فهي دون الضرورة، ومرتبتها أدنى منها ولا يتأتى بفقدها الهلاك.
والحاجة إذا كانت عامة فإن أهل العلم ينزلونها منزلة الضرورة فيباح بموجبها المحظور، ويمثلون لها بعقود الإجارة و الجعالة والحوالة، فإنها في الأصل مشتملة على أشياء يمنعها الشرع.
قال السيوطي في "الأشباه والنظائر": الإجارة والجعالة والحوالة ونحوها جُوزت على خلاف القياس، لما في الأولى من ورود العقد على منافع معدومة، وفي الثانية من الجهالة، وفي الثالثة من بيع الدين بالدين، لعموم الحاجة إلى ذلك، والحاجة إذا عمت كانت كالضرورة.
الفروق التي بين الحاجة و الضرورة:
1 - المشقة في الحاجة أقل منها في الضرورة فالمشقة في الحاجة لا يؤدي فواتها لمهلكة كالطحلب في مياه الآبار و الأوراق التي تتغير فيه فرفع المشقة في الحاجة من باب رفع الحرج بعكس الضرورة أين رفع المشقة من باب رفع الضرر فلو تركت لأدت إلى المساس بأحد مقاصد الشريعة الستة كالهلاك أو فقدان عضو أو فقدان مال و ما شابه.
قال الزركشي: الحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرم.
2 - الضرورة تتعلق بالاستفادة من الحرام لذاته أما الحاجة فمن الحرام لغيره إلا أن هذه القاعدة قد تضطرب مع وجود القاعدة الثالثة.
قال العثيمين رحمه الله: الضرورة: ما تفوت به النفس أو أحد أعضائها.
والحاجة: ما يفوت به الكمال.
وجود الضرورة يبيح المحرمات تحريم مقاصد، و مثاله أكل الميتة لمن خشي الهلاك.
ووجود الحاجة يُبيح المحرمات تحريم وسائل، كإباحة النظر إلى المرأة في البيع والشراء عند من أجاز ذلك. وكلاهما يُقدّر بقدره.
3 - باعث الضرورة الإلجاء، وباعث الحاجة التيسير، ومعنى ذلك أن المكل في الحاجة مخير بين التلبس بالحاجة أو عدم التلبس بها، في حين أنه في الضرورة لا خيار له، وينقل في ذلك نصا لابن تيمية رحمه الله حين يقول: " وكل ما جوز للحاجة لا للضرورة كتحلي النساء بالذهب والحرير، فإنما أبيح لكمال الانتفاع لا لأجل الضرورة التي تبيح الميتة ونحوها، وإنما الحاجة ي هذا إلى تكميل الانتفاع، فإن المنفعة الناقصة يحصل معها عوز يدعوها إلى كمالها، فهذه هي الحاجة في مثل هذا، وأما الضرورة التي يحصل بعدمها حصول موت أو مرض أو العجز عن الواجبات كالضرورة المعتبر في أكل الميتة لا تعتبر في مثل هذا والله أعلم ". المجموع: 31/ 225 - 226.
فقد يكون المرور بالحرام لغيره لا مفر منه و من هنا قد تفقد القاعدة السابقة فيكون الحكم حكم ضرورة لا حكم حاجة كقص اللحية كوسيلة للتقية و دفع الرشوة كوسيلة للحفاظ على المال العام عند الضرورة و كنظرة الطبيب للمريضة و لا يسع الوقت لكي تراها طبيبة كالولادة مثلا ليلا و لا طبيبة تولد و ما شابه فهذه أقرب للضرورات منها للحاجات.
4 - أحكام الضرورة مؤقتة وأحكام الحاجة مستمرة
5 - الضرورة شدة وضيق ومشقّة تبيح المحرّم، كالميتة والدم ولحم الخنزير ومال الغير والحاجة: افتقار ونقص فهي أعم من الضرورة
6 - الضرورة ادلتها واضحة أما الحاجة فعادة ترجع لغلبة الظن و أدلتها عامة
7 - الضرورة شخصية، لا ينتفع بها غير المضطر والحاجة لا يشترط فيها تحقق الاحتياج في آحاد أفرادها إنما يكفي غلبة الظن في احتياجها.
8 - الضرورة ترفع الحرام أما الحاجة فترفع الوسائل المؤدية إلى الحرام و هذا جزاء من الفرق الثاني
9 - الضرورة تبيح الكثير واليسير، والحاجة تبيح اليسير لا الكثير
10 - الضرورة لا تفتقر إلى خلاف، والحاجة ترجح الضعيف في محل الاختلاف بشروط
11 - الضرورة يقدرها صاحبها أما الحاجة فيقدرها المجتهد.
12 - الضرورة لا بد أن تكون متيقنة أو متوقعة و ليست متوهمة بعكس الحاجة فقد تكون متوقعة أو متيقنة عامة لكن ليست كذلك خاصة في فرد معين فيعتبر في تقدير الحاجة حالة الشخص المتوسط العادي في موضع معتاد، ولا صلة له بالظروف الخاصة به؛ لأن التشريع يتصف بصفة العموم والتجرد.
لمزيد من الدراسة ينظر كتاب: الفرق بين الضرورة والحاجة تطبيقا على بعض أحوال الأقليات المسلمة للشيخ عبد الله بن بية.
http://www.saaid.net/book/9/2340.pdf
حكم الضرورة وحكم الحاجة محمد عبد الغفار الشريف:
http://www.dralsherif.net/Fatwa.aspx?SectionID=4&RefID=804
مجمع فقهاء الشريعة وضوابط الضرورة
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1162385936897
¥